رخ مى رع
مشير فرعون

عاد موسى إلى مصر بعد موت تحتمس الثالث ومن خلال التواريخ الإنجيلية يكون ذلك سنة 1430, فى بداية عهد منتوحتب الثاني والذي تولى الحكم بعد وفاة والده, وكان فى الثامنة عشر حين تولى الملك, وكان أكبر مشيري فرعون هو وزيره
رخ مى رع , الذى نستطيع أن نقول عنه إنه كان الحاكم الفعلي للبلاد.
أجتمع موسى مع شيوخ شعبه وأقنعهم برسالته ثم كانت لقاءاته مع فرعون التى كانت خمس عشر لقاء
وطلب موسى من فرعون إطلاق الشعب للاحتفال بالرب فى البرية وكانت نتيجة اللقاءات أن زاد فرعون من شقاء العبرانيين بأن منع عنهم التبن الخاص بصنع اللبنات وواضح من أسلوب العقاب أن من أعطى ذلك العقاب على دراية بصنع اللبنات وعلى دراية بكل تفاصيل العمل وماذا كان يعطى العبرانيين وما الذي كانوا لا يعطونه, مما يعطينا انطباع أن العقاب أملاه مُشير فرعون لا فرعون نفسه، بدليل أن رؤساء عمال بني إسرائيل عندما وجدوا أنفسهم قد زادت أتعابهم صرخوا فى وجه موسى وهرون قائلين لهم:
«لِيَنْظُرْ إِلَيْكُمَا الرَّبُّ وَيَقْضِ. لَقَدْ كَرَّهْتُمَا بِنَا فِرْعَوْنَ وَحَاشِيَتَهُ، وَأَعْطَيْتُمَاهُمْ سَيْفاً فِي أَيْدِيهِمْ لِيَقْتُلُونَا»."
وفى اللقاء الثاني ألقى هرون عصاه أمام فرعون فتحولت إلى حيه فاستدعى فرعون سحرته وحكمائه فصنعوا مثل ما صنع هرون، حيث تحولت عصيهم إلى حيات، وهنا أيضاً كان حكماء فرعون هم المتسببين فى تصلب رأى فرعون
وقد روى د. محمد إبراهيم بكر فى كتابه موسوعة تاريخ مصر عبر العصور "تاريخ مصر القديمة" الذى نشرته الهيئة المصرية قال أنه فى عهد تحتمس الثالث إن أحد قادة تحتمس الثالث قد غرر بأحد ملوك الأقاليم التى كان تحتمس يحاربها ليضمها إلى أملاكه فقال له أن تحتمس يمتلك عصا يضرب بها الأرض فيعطيه الإله ما يريد.
كما أن د سليم حسن ذكر فى موسعته "مصر القديم" " الجزء الرابع ص 585 أنه فى إحدى لوحات رخ مى رع أكبر مشيرى تحتمس الثالث ومنتوحتب الثاني
توجد أربعون عصى غير مفهوم لماذا وضعت باللوحة وعن ماذا يعبرون، وأنتهي به الأمر بأن قال تلك العصي لمساعدي مشير فرعون وتمثل عصى السلطة ولكن من الواضح أنها عصى سحرة مصر فى ذال الوقت .
فى اللقاء الخامس وكان بناء على طلب فرعون أعطي وعد بأنه سيطلق الشعب لو صلى موسى إلى إلهه ليرفع عنهم الضفادع وفعلا رُفعت الضفادع بصلاة موسى ولكن فرعون تراجع عن وعده ولم يطلق الشعب، ولابد أن ذلك التراجع كان بمشورة مساعديه حيث أنه كان صغير السن, كما بينا ذلك سابقاً .
فى اللقاء السابع وكان بناء على طلب فرعون أيضاً وفيه طلب من موسى وهرون أن يقدما الذبائح فى مقر أقامتهم فى مصر حيث يقيموا ولكن موسى رفض إلا أن تكون الذبائح فى البرية فوافق فرعون على ألا يذهبوا بعيدا، وطلب منهم أن يصليا من أجله ومن اجل رفع الذباب، وقد كان ورُفع الذباب بصلاة موسى ولكن فرعون تراجع عن قراره بإطلاق الشعب، ولابد أن يكون ذلك بمشورة مشيريه
فى اللقاء الحادي عشر وكان بناء على طلب فرعون وفيه أقر لموسى وهرون بأن وراءه من يعطيه مشورة فاسدة وكناهم بشعبه ( خر 9 : 27 "
فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ وَاسْتَدْعَى مُوسَى وَهَرُونَ وَقَالَ لَهُمَا: «لَقَدْ أَخْطَأْتُ هَذِهِ الْمَرَّةَ وَالرَّبُّ هُوَ الْبَارُّ، أَمَّا أَنَا وَشَعْبِي فَأَشْرَارٌ، "
وقد أجابه موسى قائلا ( خر 9 : 30 "
وَلَكِنَّنِي عَالِمٌ أَنَّكَ أَنْتَ وَحَاشِيَتَكَ مَازِلْتُمْ لاَ تَخْشَوْنَ الرَّبَّ الإِلَهَ ")
وهذا مؤشر علي وجود مشورة فاسدة من حاشية فرعون، وتراجع فرعون عن وعده ولم يطلق الشعب، وهنا يخبرنا السفر صراحة عن وجود مشورة فاسدة من حاشية فرعون إذ يقول ( خر 9-34 "
وَعِنْدَمَا رَأَى فِرْعَوْنُ أَنَّ الْمَطَرَ وَالْبَرَدَ وَالرَّعْدَ قَدْ تَوَقَّفَتْ أَخْطَأَ مَرَّةً أُخْرَى وَصَلَّبَ قَلْبَهُ هُوَ وَحَاشِيَتُهُ."
فى الليلة التى أعقبت اللقاء الرابع عشر, عبر ملاك الرب وقتل أبكار المصريين، بمن فيهم "
أمنمأبت" بكر أمنحوتب نفسه كما سنبين ذلك فيما بعد.
فى اللقاء الخامس عشر والذي كان بناء على طلب فرعون أذن لهم بالخروج من مصر مع كل مقتنياتهم، فارتحل الشعب من رعمسيس
بدراسة أحداث الخروج نثير نقطه هامة وهى أن أمنحتب الثاني له مومياء محفوظة بالمتحف، فكيف يكون فرعون الخروج, بل أن جميع موميات فراعنة الأسرة الثامنة عشر محفوظة .
وبدراسة عصر أمنحتب دراسة متأنية يمكننا استنتاج الأتي:
كانت مشكلة خروج العبرانيين من مصر مشكله نابعة من مشيريه. وبالبحث نجد أن أمنحتب كان له مشيرين يعطونه النصح نظراً لصغر سنه حينئذ (18 سنة)، وأنه كانت توجد فى البلاط شخصيه رئيسيه أكثر حنكة من أمنحتب وهو
رخ مى رع والذي كان فى منصبه هذا منذ زمن أبيه تحتمس الثالث، وكلمة رخ - مى- رع تعنى
العارف كالإله رع، وقد أنشأ رخ – مى – رع لنفسه مقبرة تعتبر من الناحية التاريخية من أهم مقابر الأسرة الثامنة عشر، حيث دون على جدرانها سجل سياسي وديني واجتماعي للفترة التى تولى فيها إدارة شئون الدولة
ويمكن أن نتعرف على مدى سلطة ونفوذ ذلك الرجل فيما كتبه عن نفسه حيث قال عن نفسه الآتي:-
"موضع ثقة سيد مصر، من يؤتمن ويتحدث إليه سراً، وعيني وقلب وأذن الملك، من يقضى بالعدل وصاحب المكانة العليا، وأخو الملك فى الرضاعة، والمماثل للملك، وضارب من يشاء، والضارب المتكلم بالسوء عن الملك، الأول فى الأرضين ورئيسها، عظيم العظماء والأول فى نظر الشعب، المراقب والإداري اليقظ، ومن يملأ مخازن الغلال، ومن يضع القواعد للقضاة والمتصرف فى شئون العدالة للدولة، القاضي بالعدل بين الغنى والفقير، ومن لا يبكى منه مظلوم، المعلم الفعلي للحّرف ومرشد أصحاب الصناعات, ومن يرشد الصانع فى خطواته من يجعل كل إنسان يعرف واجبه، ومن يجعل كل إنسان يعرف عمله المعتاد، ومن يضع القواعد للمشرفين (خر 5 : 6 – 9 " فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَمَرَ فِرْعَوْنُ الْقَائِمِينَ عَلَى تَسْخِيرِ الشَّعْبِ وَرُؤَسَاءَ الْعُمَّالِ قَائِلاً: «كُفُّوا عَنْ إِعْطَاءِ الشَّعْبِ تِبْناً لِصُنْعِ اللِّبْنِ كَمَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ سَابِقاً، وَلْيَذْهَبُوا هُمْ وَيَجْمَعُوا تِبْناً لأَنْفُسِهِمْ. وَطَالِبُوهُمْ بِإِنْتَاجِ نَفْسِ كَمِّيَّةِ اللِّبْنِ السَّابِقَةِ. لاَ تُنْقِصُوهَا فَإِنَّهُمْ كُسَالَى، لِذَلِكَ يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: دَعْنَا نَذْهَبُ وَنَذْبَحُ لإِلَهِنَا. ثَقِّلُوا الْعَمَلَ عَلَى كَوَاهِلِ الْقَوْمِ حَتَّى يَشْتَغِلُوا بِهِ وَلاَ يَلْتَفِتُوا إِلَى الأَقْوَالِ الْكَاذِبَةِ». " ) ومن يبنى للأجيال المقبلة ( خر 1 : 11 " فَعَهِدُوا بِهِمْ إِلَى مُشْرِفِينَ عُتَاةٍ لِيُسَخِّرُوهُمْ بِالأَعْمَالِ الشَّاقَةِ. فَبَنَوْا مَدِينَتَيْ فِيثُومَ وَرَعَمْسِيسَ لِتَكُونَا مَخَازِنَ لِفِرْعَوْنَ" ) والحاكم الذى ينشرح له القلب، ومن يدخل المحراب مثل فرعون، العالم بكل شئ فى السماء والأرض وفى كل مكان خفي فى العالم السفلي، الماهر فى عقد كل أنواع العصائب
( خر7 : 11 "فَاسْتَدْعَى فِرْعَوْنُ حُكَمَاءَهُ وَسَحَرَتَهُ فَصَنَعَ سَحَرَةُ مِصْرَ عَلَى غِرَارِ ذَلِكَ بِسِحْرِهِمْ "
ومن النص نعلم مدى نفوذ ذلك الرجل وقدرته وعلمه، وتحمل مقبرته رقم 100 فى وادي الملوك بالبر الغربي بالأقصر.
وقد ذكر الكتاب المقدس صراحة عن أن سبب أراء فرعون بعدم إطلاق الشعب هم مُشيريه, فنجد فى الكتاب المقدس الآتي :
أشعياء 19 : 11 " رُؤَسَاءُ صُوعَنَ حَمْقَى، وَمَشُورَاتُ أَحْكَمِ حُكَمَاءِ فِرْعَوْنَ غَبِيَّةٌ. كَيْفَ تَقُولُونَ لِفِرْعَوْنَ نَحْنُ مِنْ نَسْلِ حُكَمَاءَ، وَأَبْنَاءُ مَلَوكٍ قُدَامَى"
أشعياء 19 : 13 " قَدْ حَمِقَ رُؤَسَاءُ صُوْعَنَ وَانْخَدَعَ أُمَرَاءُ نُوفَ وَأَضَلَّ مِصْرَ شُرَفَاءُ قَبَائِلِهَا"
ثم إن بولس الرسول يذكر فى رسالته الثانية إلى تيموثاوس " 2 تى 3 : 8 "
وَمِثْلَمَا قَاوَمَ (السَّاحِرَانِ) يَنِّيسُ وَيَمْبِرِيسُ مُوسَى، كَذَلِكَ أَيْضاً يُقَاوِمُ هَؤُلاَءِ الْحَقَّ؛ أُنَاسٌ عُقُولُهُمْ فَاسِدَةٌ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ غَيْرُ أَهْلٍ لِلإِيمَانِ." مما يدل على أن مقاومة خروج شعب إسرائيل كانت أساساً من قبل مُشيرى أمنحتب الثاني الذى أنقاد لتلك المشورة نظراً لصغر سنه حينئذ حيث كان لا يتعدى الثامنة عشر سنة