فالوقائع المتكررة في الأسفار المقدسة لفشل شعب الله أمام ربهم وطرح كل ثقة بنجاحهم بمعزل عنه خارجاً. من ثم التطلع بجدية وإخلاص لما يوفره ويرتبه هو لهم من مخطط وسبيل الخلاص. فلو أن شعب الله لم يذكر ولم يدرك تلك الحقائق المؤلمة عن إفلاسه الروحي وفشله الذريع لما كان هناك داع لتوقع مجيء المخلص والتحضير له. ذلك هو المفهوم الذي انطلق منه رسل المسيح في مطلع العهد المسيحي عندما طلبوا من الشعب اليهودي الإيمان بالمسيح.
قال الرسول بطرس في موعظته الشهيرة في يوم الخمسين لآلاف من مستمعيه اليهود: "يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم تعلمون. هذا أخذتموه مسلماً بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي أثمة صلبتموه" (سفر أعمال الرسل 2: 22-23). وفي مناسبة أخرى قال الرسول بطرس لجمع يهودي مماثل: "أيها الرجال الإسرائيليون ما بالكم تتعجبون من هذا ... إن إله إبراهيم وإسحق ويعقوب إله آبائنا مجد فتاه يسوع الذي أسلمتموه أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم بإطلاقه، ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل، ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من بين الأموات ونحن شهود لذلك ... وأما الله فما سبق وأنبأ به أفواه جميع أنبيائه أن يتألم المسيح قد تممه هكذا .. فإن موسى قال للآباء إن نبياً مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من أخوتكم. له تسمعون في كل ما يكلمكم به ... وجميع الأنبياء أيضاً من صموئيل فما بعده، جميع الذين تكلموا سبقوا وأنبئوا بهذه الأيام، أنتم أبناء الأنبياء والعهد الذي عاهد به الله آبائنا قائلاً لإبراهيم "وبنسلك تتبارك جميع قبائل الأرض". إليكم أولاً إذ أقام الله فتاه يسوع أرسله يبارككم برد كل واحد منكم عن شروره (سفر الأعمال 3: 12-26).