إن الدراسة العلمية للكتاب المبنية على أصول جيدة تعطي توجيهاً أوضح للكلمة، وتمكن الإنسان من تنظيم عقائده بشكل أحسن. ولكن المستند الوحيد للإيمان ينبعث من القلب وليس من العقل. وهذا لا يعني مطلقاً بأننا نقلل من شأن الدرس والتنقيب. وبالحقيقة لم يترعرع الدرس الصحيح والفحص العلمي في بيئة أفضل مما لدى الأبناء المخلصين للكنيسة المؤمنة. ونحن نرغب دوماً في الحصول على أساس متين للإيمان المسيحي. وكذلك نقرأ بأن البراهين الخارجية تدل على الطريق إلى الله تعالى وتُعد القلب لعمل نعمة الروح القدس - فيما إذا قُدمت لغير المؤمن بطريقة معقولة. وكل ما نرغب الإشارة إليه هو أن هذه البراهين هي بلا تأثير إن لم تكن مقرونة بعمل الروح القدس في قلب الإنسان.
وقد يتذمر البعض من غير المؤمنين بوحي الكتاب المقدس قائلين بأن هذا الأسلوب في التصرف تجاه هذه القضية يعطينا قالباً جازماً للبحث. ولكن قد ينسى هؤلاء بأنهم يسلكون في الطريقة عينها إذ أنهم هم أيضاً يبدؤون بافتراضات منطقية بديهية - أي أنه غير قابلة للبرهان – ولو أنهم يزعمون بالخضوع لمقررات العقل البشري. ومبدأ العقليين هو أن العقل البشري كفؤ لأن يحكم في كل شيء، حتى في الأشياء العميقة لله. ونحن نعترف أيضاً بأن سلوكهم يتصف بشكل جازم، ولكننا لا نتذمر لأنهم لا يستطيعون أن يكونوا على خلاف ذلك فالعقل الذي لم يستنر من الروح القدس لا يقدر أن يتفهم أمور الروح. وكما قال أحدهم: "حقيقة البرهان هي شيء والمقدرة على إدراكه شيء آخر، فمن يعترض على الشمس إن أخفقت في إنارة الأعمى!". لكل منا طريقته الثابتة في التصرف، وكل ما نطالب به الذين لا يتفقون معنا مبدئياً هو أن توضع المبادئ تحت الفحص العملي وأن تُعطى الفرصة الكافية لنرى أيها تتفق أكثر مع اختبارات الحياة والحقيقة.