2- الكتاب المقدس والعلم
لم يُكتب الكتاب المقدس بأسلوب علمي، وكل من يذهب إليه متوقعاً بأن يرى فيه كتاباً مدرسياً عن العلوم لا بد من أن ينتهي إلى خيبة أمل مريرة. لم يأت الكتاب إلى الوجود لأجل العلماء والمثقفين ثقافة عالية فقط، بل لأجل عامة الشعب. فلغة الكتاب هي لغة الشعب، ومواده هي في صلبها دينية وروحية. ولو كان الكتاب قد كتب في لغة العلم الحديث أو في قالب فلسفي لما أمكن فهمه من قبل الشعوب العديدة في تلك العصور القديمة، وفي الواقع لاستعصى فهمه على أغلبية الجماهير حتى في أيامنا هذه. وعلاوة على ذلك ومع أننا لا نريد أن ننقص من قيمة العلم في أيامنا الحاضرة، علينا أن نشير إلى أن الكتب المدرسية عن العلوم يجب إعادة كتابتها مرة في كل جيل على الأقل لأن البحث العلمي في تقدم مستمر. وليست هذه حالة الكتاب المقدس الذي لم يحتج إلى أي تنقيح في القرون العديدة الماضية، وهو لا يزال يتكلم إلى القلب والعقل في يومنا هذا بنفس القوة التي كانت له عبر العصور الماضية. الذين يلجئون إلى الكتاب لأجل الاستنارة في الأمور الروحية والعقلية فإنهم يجدونه حديثاً ومنيراً وكأنه قد كتب في الأمس القريب لأجل حاجتهم الشخصية.