من بين أهم تلك الصعوبات قضية إهلاك الكنعانيين، وبعض المزامير التي تستنزل اللعنات، العقيدة النيابية للكفارة وعقيدة العقاب الأبدي. وقد لا يمكننا حل كل هذه الصعوبات ولكن الاعتراض بأنها غير صائبة أخلاقياً ينتج عن الادعاء بأنه لا مكان للعدل الإلهي الذي يعاقب الشر والخطيئة. إن معاقبة خطيئة وعصيان البشر هو أمر حتمي لله تعالى وذلك يظهر مجده بكل صدق كما يظهر فيه مكافئة الله للبر. هذا هو تعليم العهد الجديد الواضح تماماً كما كان في العهد القديم وهو في أساس العقيدة بأن القصاص لأجل خطايانا لا يمكن أن يطرح جانباً إذا كانت عدالة الله وأحكامه ثابتة. لذا كان لابد من أن يوضع على المسيح. وعلاوة على ذلك يعلمنا العهد القديم أنه ليس فقط بعض الأفراد بل أحياناً مدن وقبائل شعوب بأجمعها كانت قد فسدت جداً لدرجة أنها أصبحت لعنة شاملة على المجتمع البشري، ولم يعد لها أي حق ولا داعٍ للحياة. فإن ديانات بعض القبائل كانت فاسدة للغاية ولم يبق هناك أي أمل لإصلاحها، مثلاً عبادة البعل وعشتروت التي كانت ترافقها طقوس جنسية شهوانية وذبائح الأطفال المولودين حديثاً وتقبيل تماثيل الآلهة الوثنية والتبرُّك بها.
وموقف العهد القديم من تعدد الزوجات والطلاق والرِّق والمسكرات وما شاكل ذلك كثيراً ما يُستهزأ به من قِبل النقاد ولكن إذا ما نظرنا إلى كل هذه الأمور في مواضعها الأساسية فإن ذلك يعطينا دليلاً قوياً على أن الكتاب المقدس هو من أصل إلهي. فمن جهة هذه المسائل وما شاكلها نجد أن قصد الكتاب المقدس هو وضع المبادئ الأساسية المناسبة لكل الشعوب والأجناس وفي كل عصر عوضاً عن إعطاء شرائع خاصة قد تتناسب مع بعض الناس في عصور وظروف خاصة. وقد ترك الكتاب المقدس سّنَّ الشرائع الخاصة لأحوال محلية إلى الهيئات التشريعية في عصورها المعينة. فبخصوص استعمال المسكرات مثلاً، فإن الكتاب يخبرنا بكل وضوح أن "الخمر مستهزئة، المسكر عجَّاج ومن يترنح بهما فليس بحكيم" (أمثال سليمان 20: 1). وكذلك نعلم أن السكيرين لا يرثون ملكوت الله. (الرسالة الأولى إلى كورنثوس 6: 10). ونحذِّر من مغبة صرف أموالنا في هكذا مواضع وأنه ليس لنا أن نزن فضتنا لغير خبز (نبوة أشعياء 55: 2)، وهناك بينات كثيرة مشابهة لهذه. وعلى أساس ذلك من السهل سن التشاريع الملائمة لتجارة المشروبات الروحية. فالحكمة التي أظهرها الكتاب المقدس في معالجة تلك الشرور في العصور القديمة - معطياً المبادئ والشرائع التي أدت إلى محوها والقضاء عليها – لأمر فريد ولبرهان قوي في حد ذاته على أن الشريعة هي من مصدر يفوق البشر!