2- شهادة السيد المسيح للعهد القديم
اعتبر الرب يسوع المسيح العهد القديم كتاباً موحى به كلياً من الله، وقد اقتبس منه مراراً وبنى عليه تعاليمه. ومن تصريحاته في هذا القبيل ما نراه في الإنجيل حسب (يوحنا 10: 35)، فعندما كان يتحاور مع اليهود نجده يدافع عن وجهة نظره بالرجوع إلى العهد القديم. فبعد أن اقتبس بياناً عن الكتاب أضاف هذه الكلمات الهامة "ولا يمكن أن ينقض المكتوب" والسبب الذي يجعل الالتجاء إلى الكتاب يستحق الاهتمام، إن كان من قِبَل المسيح أو من قبلنا هو أنه لا يمكن أن ينقض. والكلمة المعربة هنا "ينقض" هي الكلمة المستعملة لنقض شريعة، وتعني إبطال أو إنكار أو مقاومة سلطانها.
وكون يسوع المسيح قد اعتبر كل الكتاب ككلمة الله بالذات هو ظاهر من فقرات كالتي في الإنجيل حسب (متى 19: 4). فقد سأله بعض الفريسيين عن قضية الطلاق فكان جوابه: "أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى، وقال من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً ... فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان". فهنا يصرح الرب يسوع بكل جلاء أن الله هو مؤلف الكلمات الواردة في (سفر التكوين 2: 24) "الذي خلقهما ... قال ويترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته" ومع ذلك فعندما نقرأ هذه الكلمات في العهد القديم لا نلاحظ ما يخبرنا بأن هذه كلمات الله بصورة مباشرة. إنها مقدمة لنا ككلمات الكاتب نفسه أو كلمات النبي موسى، ويمكن أن تنسب إلى الله كمؤلفها فقط على أساس أن كل الكتاب هو كلمته. ونلاحظ نفس هذا التعليم في الإنجيل حسب (مرقس 10: 5-9). فكلما اقتبس الرب يسوع المسيح أو أحد الرسل من العهد القديم فإنهم كانوا يشددون على أن ما يقتبسون إنما هو صوت الله الحي بالذات، ومن ثم ذو سلطة إلهية خاصة.