2- للوحي دور حيوي في مضمون العقيدة المسيحية
إننا بحاجة ماسة إلى اليقين بصدق الكتاب المقدس لكي نستطيع درس العقائد المسيحية بصورة جدية. فإذا كان الكتاب دليلاً ذا سلطان تام وجديراً بالثقة، فإننا إذ ذاك نقبل العقائد التي يصوغها. قد لا نكون قادرين على تفهم كل ما هو في الكتاب، وقد توجد صعوبات كثيرة في عقولنا بخصوصها، ولكننا لا نشك قط بكونها صحيحة. ونحن نعترف بمحدودية المعرفة البشرية ولكننا نؤمن بكل ما كشف الله لنا في الكتاب المقدس. وبالحقيقة أن نجاح المسيحية مرتبط بشكل وثيق بضمان صحة عقيدة الكتاب المقدس عن الوحي، لأن المسيحية الحقَّة ليست سوى ديانة الكتاب الذي أوحى به الله.
فإذا كان عندنا كتاب مقدس يوثق به كقائد عقائدي فمن الممكن وضع نظام كتابي للعقيدة المسيحية، نظام يختلف كل الاختلاف عن النظام الطبيعي أو العقلي. ولكن إذا لم يكن بالإمكان الركون إلى الكتاب المقدس فعلينا البحث عن أساس آخر لعقائدنا، وعلى الأرجح لن يكون ما قد نصل إليه آنذاك أكثر من نظام فلسفي وبشري. وإذا قوضنا أركان الثقة بالكتاب المقدس ككتاب موحى به، نكون قد قضينا على أساس الثقة بالنظام المسيحي. وما لم تقتبس عن الكتاب المقدس ككتاب موحى به من الله فإن سلطته وفائدته للوعظ والتبشير، للتعزية في المرض أو الموت، تكونان قد ضعفتا لدرجة خطيرة. وتصبح العبارة "هكذا قال الرب" مجرد افتراض بشري، ولا نستطيع النظر إليه كقانوننا الفعّال للإيمان والحياة. وإذا لم يكن الاقتباس منه ككتاب موحى به، فقيمته كسلاح في النقاش تكون قد أضعفت لدرجة كبيرة، بل ربما تكون قد أبيدت تماماً، لأنه ما الفائدة من الاقتباس عنه لصد مقاوم إذا استطاع هذا بأن يجيب بأنه ليس للكتاب سلطان؟