كل الذين حاولوا تفسير هذه المواضيع العميقة بدون الرجوع إلى الوحي الإلهي لم ينتهوا بالحقيقة إلا بإظهار جهلهم الشخصي. وما علينا إلا أن ننظر إلى عقائد الشعوب الوثنية أو إلى آراء المتعجرفين من فلاسفة الغرب لكي نجد حدود حكمتنا البشرية والكثيرون من الذين يدعون بأنهم في طليعة مفكري العالم قد شكُّوا في وجود الله وخلود النفس! فالله وحده إذن جدير بأن يتكلم بوضوح وسلطان عن هذه المواضيع. وبالفعل نجد أن الكتاب المقدس يعطينا معرفة كافية عن الله تعالى وعن حالة قلب الإنسان الخاطئ والعلاج الناجع للخطيئة. وهو يعلمنا بأنه لا الشرائع ولا الثقافة يمكنها أن تغير القلب البشري، وأنه لا شيء سوى قوة يسوع الفدائية يمكن أن تجعل الإنسان ما عليه أن يكون.
إن مجرد خبر بشري عن الأمور الإلهية يتضمن بالطبع الكثير أو القليل من الأخطاء، وذلك إما في الكلمات المختارة أو في التشديد النسبي المعطى للأقسام المختلفة من الوحي. وبما أن أفكار معينة تتصل دائماً بمفردات معينة، فانتقاء الكلمات يجب أن يكون دقيقاً وإلا فالأفكار المنقولة تكون ناقصة أو غير صحيحة. فإذا سلِّم مثلاً بأن الكلمات: فداء، كفارة، قيامة، خلود، وغيرها من الكلمات المستعملة في الكتاب المقدس ليس لها معنى محدد، تصبح العقائد المبنية عليها بدون قيمة. ويمكننا أن نلاحظ في استعمال الكتاب المقدس الأهمية التي تعلق على كلمات خاصة، كما ورد في الإنجيل حسب (يوحنا 10: 35) عندما قال الرب يسوع "ولا يمكن أن ينقض المكتوب" أو عندما أجاب الصدوقيين (أي المجموعة اليهودية المتشككة) موجهاً أنظارهم إلى الكلمات التي نطق بها الله عندما ظهر لموسى "أنا إلى إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب" الإنجيل حسب (مرقس 12: 26) أو حينما يعطي الرسول بولس أهمية الوعد الذي قطعه الله مع إبراهيم، حيث الكلمة الهامة أعطيت في المفرد وليس في صيغة الجمع "نسل كأنه عن واحد وليس أنسال كأنه عن كثيرين، وفي نسلك الذي هو المسيح" (غلاطية 3: 16).
ففي كل حالة من الحالات السابقة كانت المحاورة تدور حول استعمال كلمة خاصة، وفي كل حالة كانت تلك الكلمة قاطعة لأنها كانت مدعومة من قبل سلطة نهائية وإلهية.