شهادة الحواريين :
سأل السيد المسيح يوماً تلاميذه قائلا ((من يقول الناس أني أنا ابن الإنسان ؟ فقالوا قوم يوحنا المعمدان وآخرون إيليا وآخرون أرمياء أو واحد من الأنبياء فقال لهم وأنتم من تقولون إني أنا ؟ فأجاب بطرس وقال : أنت هو المسيح ابن الله الحي فأجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان ابن يونا إن لحماً ودماً لم يعلن لك لكن أبي الذي في السموات)) مت 13:16 -17
فالحواريون آمنوا بأن المسيح هو ((ابن الله الحي)) , ولا يغرب عن بالنا أن هؤلاء الحواريين كانوا يهوداً من الذين يعرفون الوصية القائلة ((أنا هو الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر لا يكن لك آلهة أخرى أمامي)) تث 6:5 و7 , ومع ذلك فإنهم رغم اطلاعهم عن قرب على حياة السيد المسيح , وتدوينها للناس بما فيها من فقر وتعب ونوم وأكل وحزن وأنين ودموع وموت , فإنهم عبدوه وقدموه للناس كالمخلص وصلوا باسمه , واعترفوا بأنه ((ابن الله الحي)) , ويوحنا الذي اتكأ على صدره أعلن بأنه الكلمة الأزلي وسجل في غير تردد ما فعله توما حين سجد له قائلا ((ربي والهي)) يو 28:2 , وفي هذا كله ما يثير في العقل المخلص التفكير !!
ونجد إلى جوار اعتراف الحواريين إشارة إلى ((صيت المسيح أو سمعته)) , وشهادة عن ((أخلاقه)) فيما ذكره الحواريين للسيد عن آراء الناس فيه , ويجدر بنا أن نفهم أن ((الصيت)) ليس هو الأخلاق فصيت الإنسان هو الظل الذي يلازمه في نور النهار , وقد يكون طويلاً أو قصيراً , وقد يكون مجرد شائعات لا أساس لها في حياة صاحبها !! أما الأخلاق فهي ما تنطوي عليه النفسية في الظلمة عندما يختلي المرء إلى ربه و ضميره والآراء التي ذكرها تلاميذ المسيح في معرض حديثهم , ترينا الصور المرتسمة في أدمغة الناس عنه , وكل صورة من هذه الصور ترسم ناحية من نواحي العظمة الحقيقية التي تجلت في شخصه الكريم فقد قال بعضهم ((انه يوحنا المعمدان)) فرأوا فيه داعية التوبة , وموبخ الخطية والرياء والتستر , ورجل الشجاعة الأدبية المنادى بعصر جديد , وقد كان يسوع المسيح هذا كله , بل أكثر من هذا كله
وقال آخرون : انه ((إيليا)) ! نبي الله , ورجل الصلاة , وصانع المعجزات وقطعاً كان يسوع أعظم من إيليا. وقال آخرون انه : ((أرمياء)) رجل الأوجاع ومختبر الحزن ؟ الذي بكى على شعبه المرتد , والذي تقوس ظهره تحت عبء خطاياهم وقد كان يسوع المسيح , رجل أوجاع وأحزان , بكى على أورشليم العاصية , وكسر فؤاده لأجل البشرية , ولكنه كان أعظم من أرمياء بغير جدال