وهناك سبب ثالث يؤكد عظمة شخصية المسيح , وهو أن الفن في بلدان الغرب , وفي آسيا وأفريقيا , قد طرح عند قدمي الناصري أبدع ما جاد به من تحف فالموسيقى الأوربية قد سمت إلى أوج جمالها وجلالها في ألحان ((هاندل)) و ((موزار)) التي ألفاها لتمجيد المسيح , والحجارة الصماء نطقت في جلال وروعة بين يدي ((ميخائيل انجلو)) عندما أقام منها هذه المشاهد الرائعة لحياة المسيح وفن البناء قد وصل إلى أعلى ذرى الجلال حين شاد المهندسون الكاتدرائيات الكبرى لأجل المسيح
وفوق هذا كله فان المسيح في كل الأديان هو المقياس الأعلى للأخلاق , قال هذا الغزالي حجة الإسلام , وأكده جلال الدين الرومي , واعترف به غاندي , والى اليوم لم يستطع مؤرخ , ولم يجرؤ ملحد على أن يقول انه عثر في حياة المسيح على مسة من الإثم أو مسحة من الضعف
فهل يمكن أن نمر بشخصية عظيمة دون أن نعطيها حقها من الدرس, ونعرف مقوماتها الضخمة العميقة
إن الخلاص للنفس يدفع المرء إلى التساؤل عن حقيقة شخصية المسيح , ذلك لأنه بالنسبة للموقف الذي يقفه الإنسان بإزاء هذه الشخصية يتوقف مصيره في الأرض , وفي الحياة الآتية ولكي نتحقق شخصية المسيح , لابد لنا أن نعرف شهادة أصدقائه , وشهادة أعدائه , وشهادته هو عن نفسه , وشهادة الله عنه.