2. في الكنيسة
تخبرنا الأسفار المقدسة بأن الروح القدس يسكن في الكنيسة. والكنيسة تدعى هيكل الروح القدس. فقد كتب بولس إلى كنيسة كورنثوس قائلاً "أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم؟" (1 كورنثوس 16:3). كما كتب لأهل أفسس قائلاً: "الذي فيه أنتم أيضاً مبنيون معاً مسكناً لله في الروح" (أفسس 22:2).
ما هو عمل الروح في الكنيسة؟ ويمكننا ذكر أمور عدة باختصار في هذا المجال.
(1) البنيان. "وأما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة فكان لها سلام وكانت تبنى وتسير في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر" (أعمال: 31:9). فالروح القدس هو الذي يبني الكنائس.
(2) الإرشاد. "وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه" (أعمال 2:13). "لأنه قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلاً أكثر غير هذه الأشياء الواجبة" (أعمال 28:15). وهكذا نرى أن الروح القدس قد أرشد كنيسة أنطاكية كي تبدأ المشروع التبشيري العظيم كما أرشد كنيسة أورشليم لحل قضية عويصة.
(3) منح المواهب. لنصغ إلى كلمات بولس إلى كنيسة كورنثوس. "فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد... ولكنه لكل واحد يعطي إظهار الروح للمنفعة. فإنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمة، ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد، ولآخر إيمان بالروح الواحد، ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد، ولآخر عمل قوات ولآخر نبوة ولآخر ترجمة ألسنة. ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء" (1كورنثوس 12: 4، 7- 11).
(4) إعطاء القوة للخدمة. "لكنكم ستنالون قوة متى حلّ الروح القدس عليكم" (أعمال 8:1). هذا وعد الرب لتلاميذه لما قام من القبر. فبقوة الروح القدس سارت الكنيسة الأولى لتربح الانتصارات. وبدون الروح القدس تمسي الكنيسة منظمة هزيلة عاجزة.
3. في العالم
فيما يتعلق بعمل الروح القدس قال يسوع: "متى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة. أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي. وأما على بر فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضاً. وأما على دينونة فلأنّ رئيس هذا العالم قد دين" (يوحنا 8:16-11) فبكلمة "العالم" عنى يسوع العالم الشرير غير المؤمن. إنها ذات الكلمة التي استعملها يعقوب عندما قال "أيها الزناة والزواني أما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله فمن أراد أن يكون محباً للعالم فقد صار عدواً لله" (يعقوب 4:4) وهي ذات الكلمة التي استعملها يوحنا عندما قال "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب " (1يوحنا 15:2). إن كلمة "يبكت" تعني "يقنع" أو "يوبخ". فهي تحمل فكرة الإقناع عن طريق تقديم البرهان فالروح القدس يبكت العالم على ثلاثة أمور.
(1) تبكيت على الخطية. "على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي". إن الروح يبكت العالم على حقيقة الخطية وطبيعة الخطية. فهو يرينا أن أعظم الخطايا هي خطية عدم الإيمان.
فالمسيح لم يقل "على خطية لأنهم زناة أو قتلة، أو سكيرون" لكنه قال "لأنهم لا يؤمنون بي". تلك كانت الخطية التي كان العالم مذنباً بها في ذلك الزمن وهي الخطية التي ما زال العالم مذنباً بها اليوم.
(2) التبكيت على البر. "وأما على بر فلأني ذاهب إلى الآب ولا ترونني أيضاً". إن قادة اليهود قد اتهموا يسوع بأنه خاطئ "نحن نعلم إن هذا الإنسان خاطئ" (يوحنا 24:9). وقد صرّح يسوع بأنه بار "من منكم يبكتني على خطية" (يوحنا 46:8) وكانت قيامته ورجوعه إلى الآب هما الدليل على بره.
لا يستطيع إنسان أن يدعي البر لأن الكل قد أخطأوا. لكنّ المسيح بموته التكفيري، ورجوعه إلى الآب يقدم براً منسوباً لأولئك الذين يؤمنون. "أما الآن فقد ظهر بر الله بدون الناموس مشهوداً له من الناموس والأنبياء بر الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون" (رومية 21:3-22). "وأوجد فيه وليس بري الذي من الناموس بل الذي بإيمان المسيح البر الذي من الله بالإيمان" (فيلبي 9:3).
(3) التبكيت على الدينونة. "وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين". الخطية تجلب الدينونة. وهذا ثابت من الدينونة التي حلّت بالشيطان، رئيس هذا العالم. لأنه ظن أنه بالصليب قد نال نصراً ولكن الآية انعكست فأصبح الصليب اندحاره المخزي. وعندها دين وحكم عليه.
فإن كان رئيس هذا العالم قد دين، إذاً فإن أولئك الذين من العالم لا بد أن يدانوا. فعندما وقف بولس أمام فيلكس "كان يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة" (أعمال 25:24).