الاصحاح الأول
احبوا العدل يا قضاة الارض واعتقدوا في الرب خيرا والتمسوه بقلب سليم
فانما يجده الذين لا يجربونه ويتجلى للذين لا يكفرون به
لان الافكار الزائغة تقصي من الله واختبار قدرته يثقف الجهال
ان الحكمة لا تلج النفس الساعية بالمكر ولا تحل في الجسد المسترق للخطية
لان روح التاديب القدوس يهرب من الغش ويتحول عن الافكار السفيهة وينهزم اذا حضر الاثم
ان روح الحكمة محب للانسان فلا يبرئ المجدف مما نطق لان الله ناظر لكليتيه ورقيب لقلبه لا يغفل وسامع لفمه
لان روح الرب ملا المسكونة وواسع الكل عنده علم كل كلمة
فلذلك لا يخفى عليه ناطق بسوء ولا ينجو من القضاء المفحم
لكن سيفحص عن افكار المنافق وكل ما سمع من اقواله يبلغ الى الرب فيحكم على اثامه
لان الاذن الغيرى تسمع كل شيء وصياح المتذمرين لا يخفى عليها
فاحترزوا من التذمر الذي لا خير فيه وكفوا السنتكم عن الثلب فان المنطوق به في الخفية لا يذهب سدى والفم الكاذب يقتل النفس
لا تغاروا على الموت في ضلال حياتكم ولا تجلبوا عليكم الهلاك باعمال ايديكم
اذ ليس الموت من صنع الله ولا هلاك الاحياء يسره
لانه انما خلق الجميع للبقاء فمواليد العالم انما كونت معافاة وليس فيها سم مهلك ولا ولاية للجحيم على الارض
لان البر خالد
لكن المنافقين هم استدعوا الموت بايديهم واقوالهم ظنوه حليفا لهم فاضمحلوا وانما عاهدوه لانهم اهل ان يكونوا من حزبه
Divider!
الاصحاح الثاني
فانهم بزيغ افكارهم قالوا في انفسهم ان حياتنا قصيرة شقية وليس لممات الانسان من دواء ولم يعلم قط ان احدا رجع من الجحيم
انا ولدنا اتفاقا وسنكون من بعد كانا لم نكن قط لان النسمة في انافنا دخان والنطق شرارة من حركة قلوبنا
فاذا انطفات عاد الجسم رمادا وانحل الروح كنسيم رقيق وزالت حياتنا كاثر غمامة واضمحلت مثل ضباب يسوقه شعاع الشمس ويسقط بحرها
و بعد حين ينسى اسمنا ولا يذكر احد اعمالنا
انما حياتنا ظل يمضي ولا مرجع لنا بعد الموت لانه يختم علينا فلا يعود احد
فتعالوا نتمتع بالطيبات الحاضرة ونبتدر منافع الوجود ما دمنا في الشبيبة
و نترو من الخمر الفاخرة ونتضمخ بالادهان ولا تفتنا زهرة الاوان
و نتكلل بالورد قبل ذبوله ولا يكن مرج الا تمر لنا فيه لذة
و لا يكن فينا من لا يشترك في لذاتنا ولنترك في كل مكان اثار الفرح فان هذا حظنا ونصيبنا
لنجر على الفقير الصديق ولا نشفق على الارملة ولا نهب شيبة الشيخ الكثير الايام
و لتكن قوتنا هي شريعة العدل فانه من الثابت ان الضعف لا يغني شيئا
و لنكمن للصديق فانه ثقيل علينا يقاوم اعمالنا ويقرعنا على مخالفتنا للناموس ويفضح ذنوب سيرتنا
يزعم ان عنده علم الله ويسمي نفسه ابن الرب
و قد صار لنا عذولا حتى على افكارنا
بل منظره ثقيل علينا لان سيرته تخالف سيرة الناس وسبله تباين سبلهم
قد حسبنا كزيوف فهو يجانب طرقنا مجانبة الرجس ويغبط موت الصديقين ويتباهى بان الله ابوه
فلننظر هل اقواله حق ولنختبر كيف تكون عاقبته
فانه ان كان الصديق ابن الله فهو ينصره وينقذه من ايدي مقاوميه
فلنمتحنه بالشتم والعذاب حتى نعلم حلمه ونختبر صبره
و لنقض عليه باقبح ميتة فانه سيفتقد كما يزعم
هذا ما ارتاوه فضلوا لان شرهم اعماهم
فلم يدركوا اسرار الله ولم يرجوا جزاء القداسة ولم يعتبروا ثواب النفوس الطاهرة
فان الله خلق الانسان خالدا وصنعه على صورة ذاته
لكن بحسد ابليس دخل الموت الى العالم
فيذوقه الذين هم من حزبه
Divider!
الاصحاح الثالث
اما نفوس الصديقين فهي بيد الله فلا يمسها العذاب
و في ظن الجهال انهم ماتوا وقد حسب خروجهم شقاء
و ذهابهم عنا عطبا اما هم ففي السلام
و مع انهم قد عوقبوا في عيون الناس فرجاؤهم مملوء خلودا
و بعد تاديب يسير لهم ثواب عظيم لان الله امتحنهم فوجدهم اهلا له
محصهم كالذهب في البودقة وقبلهم كذبيحة محرقة
فهم في وقت افتقادهم يتلالاون ويسعون سعي الشرار بين القصب
و يدينون الامم ويتسلطون على الشعوب ويملك ربهم الى الابد
المتوكلون عليه سيفهمون الحق والامناء في المحبة سيلازمونه لان النعمة والرحمة لمختاريه
اما المنافقون فسينالهم العقاب الخليق بمشوراتهم اذ استهانوا بالصديق وارتدوا عن الرب
لان مزدري الحكمة والتاديب شقي انما رجاؤهم باطل واتعابهم بلا ثمرة واعمالهم لا فائدة فيها
نساوهم سفيهات واولادهم اشرار
و نسلهم ملعون اما العاقر الطاهرة التي لم تعرف المضجع الفاحش فطوبى لها انها ستحوز ثمرتها في افتقاد النفوس
و طوبى للخصي الذي لم تباشر يده ماثما ولا افتكر قلبه بشر على الرب فانه سيعطى نعمة سامية لامانته وحظا شهيا في هيكل الرب
لان ثمرة الاتعاب الصالحة فاخرة وجرثومة الفطنة راسخة
اما اولاد الزناة فلا يبلغون اشدهم وذرية المضجع الاثيم تنقرض
ان طالت حياتهم فانهم يحسبون كلا شيء وفي اواخرهم تكون شيخوختهم بلا كرامة
و ان ماتوا سريعا فلا يكون لهم رجاء ولا عزاء في يوم الحساب
لان عاقبة الجيل الاثيم هائلة
Divider!
الاصحاح الرابع
ان البتولية مع الفضيلة اجمل فان معها ذكرا خالدا لانها تبقى معلومة عند الله والناس
اذا حضرت يقتدى بها واذا غابت يشتاق اليها ومدى الدهور تفتخر باكليل الظفر بعد انتصارها في ساحة المعارك الطاهرة
اما لفيف المنافقين الكثير التوالد فلا ينجح وفراخهم النغلة لا تتعمق اصولها ولا تقوم على ساق راسخة
و ان اخرجت فروعا الى حين فانها لعدم رسوخها تزعزعها الريح وتقتلعها الزوبعة
فتنقصف فروعها قبل اناها وتكون ثمرتها خبيثة غير ناضجة للاكل ولا تصلح لشيء
و المولودون من المضجع الاثيم يشهدون بفاحشة والديهم عند استنطاق حالهم
اما الصديق فانه وان تعجله الموت يستقر في الراحة
لان الشيخوخة المكرمة ليست هي القديمة الايام ولا هي تقدر بعدد السنين
و لكن شيب الانسان هو الفطنة وسن الشيخوخة هي الحياة المنزهة عن العيب
انه كان مرضيا لله فاحبه وكان يعيش بين الخطاة فنقله
خطفه لكي لا يغير الشر عقله ولا يطغي الغش نفسه
لان سحر الاباطيل يغشي الخير ودوار الشهوة يطيش العقل السليم
قد بلغ الكمال في ايام قليلة فكان مستوفيا سنين كثيرة
و اذ كانت نفسه مرضية للرب فقد اخرج سريعا من بين الشرور اما الشعوب فابصروا ولم يفقهوا ولم يجعلوا هذا في قلوبهم
ان نعمته ورحمته لمختاريه وافتقاده لقديسيه
لكن الصديق الذي قد مات يحكم على المنافقين الباقين بعده الشبيبة السريعة الكمال تحكم على شيخوخة الاثيم الكثيرة السنين
فانهم يبصرون موت الحكيم ولا يفقهون ماذا اراد الرب به ولماذا نقله الى عصمته
يبصرون ويزدرون والرب يستهزئ بهم
سيسقطون من بعد سقوطا مهينا ويكونون عارا بين الاموات مدى الدهور فانه يحطمهم وهم مبلسون مطرقون ويقتلعهم من الاسس ويتم خرابهم فيكونون في العذاب وذكرهم يهلك
يتقدمون فزعين من تذكر خطاياهم واثامهم تحجهم في وجوههم
Divider!
الاصحاح الخامس
حينئذ يقوم الصديق بجراة عظيمة في وجوه الذين ضايقوه وجعلوا اتعابه باطلة
فاذا راوه يضطربون من شدة الجزع وينذهلون من خلاص لم يكونوا يظنونه
و يقولون في انفسهم نادمين وهم ينوحون من ضيق صدرهم هذا الذي كنا حينا نتخذه سخرة ومثلا للعار
و كنا نحن الجهال نحسب حياته جنونا وموته هوانا
فكيف اصبح معدودا في بني الله وحظه بين القديسين
لقد ضللنا عن طريق الحق ولم يضئ لنا نور البر ولم تشرق علينا الشمس
اعيينا في سبل الاثم والهلاك وهمنا في متايه لا طريق فيها ولم نعلم طريق الرب
فماذا نفعتنا الكبرياء وماذا افادنا افتخارنا بالاموال
قد مضى ذلك كله كالظل وكالخبر السائر
او كالسفينة الجارية على الماء المتموج التي بعد مرورها لا تجد اثرها ولا خط حيزومها في الامواج
او كطائر يطير في الجو فلا يبقى دليل على مسيره يضرب الريح الخفيفة بقوادمه ويشق الهواء بشدة سرعته وبرفرفة جناحيه يعبر ثم لا تجد لمروره من علامة
او كسهم يرمى الى الهدف فيخرق به الهواء ولوقته يعود الى حاله حتى لا يعرف ممر السهم
كذلك نحن ولدنا ثم اضمحللنا ولم يكن لنا ان نبدي علامة فضيلة بل فنينا في رذيلتنا
كذا قال الخطاة في الجحيم
لان رجاء المنافق كغبار تذهب به الريح وكزبد رقيق تطارده الزوبعة وكدخان تبدده الريح وكذكر ضيف نزل يوما ثم ارتحل
اما الصديقون فسيحيون الى الابد وعند الرب ثوابهم ولهم عناية من لدن العلي
فلذلك سينالون ملك الكرامة وتاج الجمال من يد الرب لانه يسترهم بيمينه وبذراعه يقيهم
يتسلح بغيرته ويسلح الخلق للانتقام من الاعداء
يلبس البر درعا وحكم الحق خوذة
و يتخذ القداسة ترسا لا يقهر
و يحدد غضبه سيفا ماضيا والعالم يحارب معه الجهال
فتنطلق صواعق البروق انطلاقا لا يخطئ وعن قوس الغيوم المحكمة التوتير تطير الى الهدف
و سخطه يرجمهم ببرد ضخم ومياه البحار تستشيط عليهم والانهار تلتقي بطغيان شديد
و تثور عليهم ريح شديدة زوبعة تذريهم والاثم يدمر جميع الارض والفجور يقلب عروش المقتدرين
Divider!