إن الآية السابقة جاءت في بشارة مرقس فقط دون البشائر الثلاث الأخرى ونحن نعلم أن بشارة مرقس تتكلم عن المسيح وهو في مركز الاتضاع كالعبد.
وفي (يوحنا15:15) يقول الرب لتلاميذه «العبد لا يعلم ما يعمل سيده». مع أنه السيد الذي كل الخلائق هي عبيده «أخلى نفسه آخذا صورة عبد» (فيليبي 6:2 - 8). فكيف يكون في إتضاعه «عبد يهوه» ويعلم اليوم والساعة?
لأن المسيح أخذ «صورة عبد» صار عبدا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان . فارتضى بخدمة العبيد والطاعة حتى موت الصليب لذلك يرد عنه القول إن الابن لا يعلم اليوم والساعة, ونلاحظ أن المسيح وإن كان قد أخلى نفسه آخذا صورة عبد لكنه في نفس الوقت كان هو السيد العظيم العالم بكل شيء. ولأنه صار في مقام العبد فما كان ليبلغ أحدا بشيء إلا ما يكلف به من قبل الله سيده. وهو في هذا بخلاف الأنبياء قديما الذين لم يكونوا يعرفون أكثر مما يعلنه الله لهم لكي يبلغوه بدورهم للبشر بل وفي بعض الأحيان ينطقون بأشياء أسمى من أفكارهم عندما يقول الرب في نبوة عاموس (2:3) «إياكم فقط عرفت من جميع قبائل الأرض». هذا لا يعني أنه لا يعرف جميع البشر وعندما يقول السيد في (مت 12:25) للعذارى الجاهلات «الحق أقول لكن إني ما أعرفكن» لا تعني أنه يجهلهن وعندما يقول في (2تيموثاوس 19:2) «يعلم الرب الذين هم له» لا تعني أنه لا يعلم الآخرين. وهكذا هنا عدم معرفة الابن للساعة لا تعني جهله بها بل أنه ليس من اختصاصه باعتباره العبد أن يتحدث عنها.
وقد تنبأ العهد القديم عن المسيح كعبد في (إشعياء 6:49, 7) فقال «قليل أن تكون لي عبدا لإقامة أسباط يعقوب ورد محفوظي إسرائيل. قد جعلتك نورا للأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض, هكذا قال الرب فادي إسرائيل قدوسه للمهان النفس لمكروه الأمة لعبد المتسلطين».