أخيرا
إن الآية التي تقول إن «الرب قناني أول طريقه, من قبل أعماله, منذ القدم, منذ الأزل» لا تدل على أن أقنوم الابن قد ولد في الأزل ولا في الزمان, بل تدل على أنه كان موجودا منذ الأزل. لأن قوله «قناني» أو اقتناني منذ الأزل يدل على وجوده حينذاك. إذ إن الشيء لا يقتني إلا إذا كان موجودا أولا . ليفتح الرب القلب أولا ثم الذهن لمعرفة الحق. آمين.
السؤال الرابع:
إن كان المسيح هو «الله الابن» الأزلي, وإن كان هو الحكمة. فكيف يقول في (أم 24:8 - 26) «إذ لم يكن غمر أبدئت. إذ لم تكن ينابيع كثيرة المياه. من قبل أن تقررت الجبال قبل التلال أبدئت. إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد ولا البراري ولا أول أعفار المسكونة» ألا يثبت هذا كما نقوله إن المسيح ابن الله هو رئيس الملائكة ميخائيل المفوض من الله بعد خلقه بكل شيء?
وللرد نقول:
في إجابتنا على السؤال السابق برهنا أن الحكمة هو الله ذاته «أقنوم الابن». ولكونه يقول: «أنا الحكمة» ثم يقول «مسحت» أو «عينت من الله» فهذا أكبر دليل على أن المتكلم أحد أقانيم الله وهو الابن.
وبخصوص كلمة (أبدئت) التي تكررت مرتين فهي لا تعني على الإطلاق أن الابن قد خلق في الأزل بل بالعكس تدل على وجوده منذ الأزل, لأن الذي «يمسح» أو «يعين» لابد أن يكون موجودا قبل أن يمسح أو يعين.
كما أن كلمة «أبدئت» لا تعني خلقت على الإطلاق أو كونت أو أنشئت ففي الإنجليزية Was Broughtforth وهي تعني «أظهرت» (تجليت في أعمال الخلق) أو أعلنت أو استحضرت للعمل.
من جانب آخر الذي قال «أنا الحكمة» يصف نفسه بصفات الله غير المحدودة ولا يذكر عن نفسه شيئا يدل على أنه مخلوق لأن المتكلم هنا حكمة الله أو الله متخذا لنفسه اسم «الحكمة» فهل من الممكن أن الحكمة تقول عن نفسها أو يقول «الله الحكمة» عن نفسه: إني ولدت أو أبدئت? هل لحكمة الله أو لله الحكمة بداية, حاشا. إذا فالكلمة هنا تعني «أبديت (من كلمة يبدو) أو أظهرت» لأن الله بطبيعة الحال موجود منذ الأزل ولما بدأ يخلق الخلائق ظهر بحكمته أو بدت حكمته في العمل أو بمعني آخر إن وجود الله السابق لأعماله أمر طبيعي بالنسبة لله.
إذا حكمة الله أزلية وأعمال الله أظهرتها من أولها, ليس ذلك فقط بل من النص نعرف أن الحكمة نفسها لأزليتها بدت في الميدان للبدء في العمل قبل أن تظهرها أعمالها التي عملتها.
وهذا يدل على أن الحكمة ليست صفة أظهرتها الأعمال بل شخصا له وجوده الذاتي. وبما أن الملائكة من ضمن الأعمال التي عملتها حكمة الله أو المصنوعات والخلائق التي صنعتها وخلقتها ينتج أن الشخص الذي «أظهر» أو «أبدي» لم يكن ملاكا بل هو الله الابن الأزلي الخالق لأنه يقول «كنت عنده صانعا» (أم 30:8) ويقول: الرب عن نفسه في (أم 17:15) «الصانع هذا كله» وفي (إشعياء 24:44) يقول «صانع كل شيء».
إذا الحكمة الصانعة لا يمكن أن تكون إلا الله الصانع.