3- الرحلة التبشيرية الثانية (سنة 51- سنة 54) :
بعد الإنتهاء من مجمع أورشليم بدأ بولس رحلة ثانية كبيرة سنة 51، كانت تهدف الى تبشير اليونانيين، وأخذ معه سيلا… وبعد أن زار بولس الكنائس التى أسسها قبلاً، إنطلق يرافقه سيلا وتيموثاوس الشاب الذى كان قد آمن حديثاً. إجتازوا أقاليم فريجية وغلاطية، ومنعهم الروح القدس من أن يتكلموا بالكلمة فى آسيا. إنحدروا إلى ترواس، وهناك ظهرت لبولس رؤيا فى الليل – رجل مكدونى قائم يطلب إليه ويقول: ” اعبر إلى مكدونية وأعنا ” فكان هذا اعلان من الله بالإنطلاق الى بلاد اليونان لتبشيرها (أع 16: 9، 10).
كرز بالإنجيل أولاً بنجاح كبير فى فيلبى حيث آمنت ليديا بائعة الأرجوان وحافظ السجن… وفيها سجن بولس وسيلا. وبمعجزة انفتحت أبواب السجن وخرجا منه (أع 16)… بعد ذلك قصدا الى تسالونيكى، وهناك قاومه اليهود واضطهدوه، لكنه خلف وراءه كنيسة مزدهرة… وفى بيرية أظهر اليهود غيرة عظيمة، إذ قبلوا الكلمة بكل نشاط (أع 17)
ثم ذهب بولس وسيلا ال أثينا مركز الأدب القديم والفلسفة. وهناك التقى بولس ببعض الفلاسفة الأ بيقوريين والرواقيين. هناك- فى الأريوس باغوس الواقع على تل مارس- كشف لهم بكل حكمة عن الإله المجهول، الذى كانوا يتقونه وهم يجهلونه وأقاموا له مذبحاً (أع 17)… وإن كان بولس لم ينجح نجاحاً ملموساً فى أثينا مهد الفلسفة لأنهم إستهزاوا به، لكن دعوته للايمان أثمرت فى نفر قليل منهم ديوناسيوس الأريوباغى- الذى صار أسقفاً على أثينا فيما بعد- وامرأة تدعى دامرس (أع 17: 34)… لكن سرعان ما إزدهرت المسيحية فى تلك البلاد فيما بعد بفضل البذار التى بذرها هذا الكارز العظيم …
مضى بولس بعد ذلك إلى كورنثوس، وكانت بمثابة القنطرة التجارية بين الشرق والغرب، ومركزاً هاماً للثروة والثقافة، وبؤرة للفساد والرذيلة (49) .
أمض ى بولس فى كورنثوس سنة ونصف، استطاع خلالها- فى ظروف قاسية جداً من الإنحلال الخلقى- أن يؤسس فيها كنيسة بقوة كلمة الله، وأنفذ اليها بعد ذلك رسالتين من أكثر رسائله أهمية.
وفى ربيع سنة 54 عاد بولس إلى أنطاكية ماراً بأفسس وقيصرية وأورشليم… وفى خلال هذه الفترة كتب رسالتيه إلى التسالونيكيين.