إهتداؤه للمسيحية:
أما إهتداؤه للمسيحية فكان عند مشارف دمشق، حينما أعلن له الرب يسوع ذاته وأرشده إلى ما ينبغى أن يفعله. بعد هذه الرؤيا، كان وهو مفتوح العينين لا يبصر. فاقتادوه إلى داخل دمشق، وظل صائماً ثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب… وفى نفس الوقت أعلن الرب إلى حنانيا أسقف دمشق فى رؤيا خبر شاول، وأمره أن يذهب اليه وعين له مكانه… ذهب حنانيا ووضع عليه يديه فامتلأ من الروح القدس ووقع من عينيه شىء كأنه قشور، فأبصر فى الحال وقام واعتمد (46) … كان هذا على أرجح الآراء سنة 36 أو سنة 37 م… ما أن أعتمد وأمتلأ من الروح القدس حتى تحول من مضطهد إلى مجاهد، ومن يهودى متعصب لبنى جنسه الى رسول عملاق ، يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون ” وللوقت جعل يكرز فى المجامع بالمسيح، أن هذا هو ابن الله ” (أع 9 : 20).
بعد ذلك أمضى بولس ثلاث سنوات فى العربية (47) ، وهى الصحراء المقابلة لدمشق شرقاً (غل 1: 17، 18) انطلق إلى العربية – ليس فى مهمة تبشيرية كما يعتقد يوحنا ذهبى الفم – بل كان غرضه الأساسى من هذه الخلوة هو التأمل والصلاة ودراسة أسفار العهد القديم بروح جديدة، ع لى ضوء بركات العهد الجديد. ولا شك أن هذه السنوات الثلاثة هى مقابل السنوات الثلاث التى أمضاها التلاميذ فى الإعداد والتلمذة للرب يسوع… هناك فى هذه الخلوه أمكنه أن يدرس التناقض العجيب بين الحرف الذى يقتل والروح الذى يحيى… بين خدمة الموت وخدمة الروح (2 كو 3: 6-9) وقد قبل الكثير من هذه الحقائق بواسطة الإعلانات الإلهية… ” وأعرفكم أيها الإخوة الإنجيل الذي بشرت به ليس بحسب إنسان، لأنى لم أقبله من عند إنسان، ولا علمته، بل بإعلان يسوع المسيح ” (غل 1: 12،11).
بعد ثلاث سنوات من ايمانه – أى من سنة 40 تقريباً إلى وقت استشهاده فى سنة 67 أو 68 قام بولس بثلاث رحلات تبشيرية كبيرة، الى جانب بعض رحلات صغيرة أخرى، وزار أورشليم خلالها خمس مرات، وأمضى أكثر من أربع سنوات أسيراً فى قيصرية وروما… ونلاحظ أن القديس بولس اتخذ أنطاكية عاصمة سوريا آنذاك قاعدة لرحلاته التبشرية، وأصبحت كنيستها الكنيسة الأم لكنائس الأمم، ينطلق منها للتبشير ويعود إليها. وفى نفس الوقت إحتفظ بصلاته بكنيسة أورشليم التى كانت بمثابة الكنيسة الأم لكنائس الختان…
ويمكن دراسة هذه الفترة على النحو التالى :