فالمعرفة الإلهية تُنير عين الذهن الداخلية فتُبصر ما لم تكن قادرة على أن تراه من خلال كل المعارف التي كانت حاصلة عليها من الكتب أو الدراسات العميقة والصحيحة، لأن معرفة الكتب تختلف عن المعرفة الإلهية الأتية من النعمة المُخلِّصة النازلة من عند أبي الأنوار، لأن المعرفة الإلهية هي فعل نعمة ممنوح مجاناً من الله لمن يُريد أن يعرفه بغرض أن يدخل في تلك الشركة المقدسة التي هي سرّ حياة النفس الأبدية.
ومن تلك المعرفة يأتي الإفراز والتمييز في كل شيء، لأنها تملأ النفس حكمة وتجعل العقل متزناً، راكزاً، صاحياً، مُتعقلاً، فلا يُسرع في تصديق أي شيء من الناس أو حتى من الأفكار التي تأتيه، إلا بعد فحص وتمحيص في نور حكمة الله حسب المعرفة الحاصل عليها بغنى سكيب النعمة الإلهية والتي تتفق مع روح كلمة الله الحية الفعالة الباقية إلى الأبد.
أما حينما يستنير العقل بنور المعرفة الإلهية الحقيقية، فأن من كنز قلبة الصالح تخرج الكلمات بحكمة الله ببرهان الروح والقوة بخبر الإيمان، بهدف دعوة الكل: تعالى وانظر وجدنا مسيا..
+ أما في الحالة الثانية حينما تكون المعرفة عمل نعمة فأنها تقود للوحدة في المحبة بوداعة وتواضع قلب، وإعلان مجد الله الحي، لأن في تلك الحالة الله هو الظاهر في النفس، وكل الأعمال الظاهرة هي بالله معموله، لذلك فأن كل من يحيا هكذا فأنه يصير منارة تُهدي الكثيرين لطريق البرّ والحياة.