يا لصدمة مؤمن يظنّ ويتوهّم انه مَرْضيّ أمام الرب، واذا فحص ذاته، وجدها بلا ذنب! ... يا لوهم مَن يمتحن نفسه، فيخرج منتفخاً معتدّاً بذاته... لذا قال الرسول بولس "لست أشعر بشيء في ذاتي. لكنني لست بذلك مبرّراً. ولكن الذي يحكم فيّ هو الرب" (١ كو ٤: ٤). وقال أيضاً "لست احسب نفسي اني قد ادركت "(في ٣: ١٣)، ويعقوب الرسول يقول "في أشياء كثيرة، نعثر (او نسقط او نفشل) جميعنا" (يع ٣: ٢). وداود النبي يقول " قريب هو الرب مِن المنكسري القلوب" (مز ٣٤: ١٨) والنبي اشعياء يعلن ان "العليّ يسكن مع المنسحق والمتواضع الروح" (اش ٥٧: ١٥). اما الحكيم في عيني نفسه والبارّ في حكم ذاته الذي لسان حاله يقول "قِفْ عندك، لا تدْنُ منّي لأني أقدس منك" (اش ٦٥: ٥). فمثل هذا يكون مزعج للرب كالدخان في الأنف.. أناس يعدّدون دائماً حسناتهم وأعمالهم وتضحياتهم، هؤلاء لن يفرحون أبداً لانهم يشعرون ان الله العظيم مديون لهم! (لوقا ١٥: ٢٨، ١٨: ١١).
لكن عندما نقرأ ما حدث لأيوب، تزداد ثقتنا بأن كل ما يحدث في حياتنا من صعوبات عائلية ومادية وصحيّة أو اتّهامات وإساءات، كل هذه هي يد الرب المُحبّ التي ثُقبت لأجلنا الذي لم يُشفق الآب عليه بل بذله لاجلنا!. هل عندنا يقين ان كل ما يحدث هو من الرب وللرب قصد خير في ذلك لنا ؟. (مز ٣٩: ٩). وهل نعلم حقّاً أنّ كل الامور – بضمنها القاسية ايضاً – تعمل معاً للخير؟ (رو ٨: ٢٨)، وهل نأخذ هذه الامور كلّها مِن يد الآب المحب؟. هو يَجرَح وهو يعصب أيضاً (ايوب (٥: ١٨)، وهو يتضايق في ضيقنا (اش ٦٣: ٩)، فانه، ولو أَحزن، يرحم حسب كثرة مراحمه، لأنه لا يذلّ من قلبه" (مراثي ٣: ٣٣)، فهو كالأم الحنون التي لكي تُخرج الشوكة مِن اصبع ابنها، تحتاج أن تُؤلمه قليلاً وتدمع عيناها لأنها تحبّه وتفكّر في راحته وتتألّم لألمه.