"الروح" عند المفسرين :
فما معني قوله "عيسي ابن مريم روح منه تعالي" في الآية الشهيرة ؟
قالوا معناه ما ورد عن آدم "فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين" (حجر 19)، "ثم سواه ونفخ فيه من روحه" (سجدة 9)، وعن مريم "فنفخنا فيها من روحنا" (أنبياء 91)، "فنفخنا فيه من روحنا" (تحريم 12) بدليل المبدأ العام "إن مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له : كن فيكون" (آل عمران 59). فكما نفخ الروح في آدم نفخ أيضاً في مريم !
وفاتهم الفرق العظيم والبون الشاسع بين التعبيرين : فعن آدم ومريم فالروح نافخ فيهما، أما عن المسيح فهو روح منفوخ، ملقي إلي مريم.
في الأول الروح وآدم أو مريم متميزان، أما في الثاني "فروح منه" والمسيح شخص واحد علي حد التحديد : "إنما المسيح ... روح منه" : فروح منه خبر ثالث من المبتدأ أي المسيح.
وهب أن قوله "من روحي" (حجر 29، سجدة 9 وغيرها) تحمل علي المفعول فتعني الروح المنفوخ في آدم أو المنفوخ في مريم فهذا يعني مشاكلة الصدور، ولا يعني قطعاً مشابهة الروح الصادر من الله.
علي أن بين التعبيرين فرقاً ظاهراً "فنفخنا فيه (في آدم وفي فرجها) من روحنا" ثم "روح منه" : ففي الأول يكون آدم والمسيح من روح الله، وفي الثاني يكون المسيح "روح الله".
فكما أن المسيح هو كلمة الله، فهو أيضاً روح الله، والقرآن يجمع بين التعبيرين في شأن المسيح فهو روح الله الذي ألقاه إلي مريم بنفخة من روحه.