الإشكال الثاني : - هو أن الله تعالى كان قد أمر جبريل عليه السلام ، بأن يكون معه في أكثر الأحوال ، هكذا قال المفسرون في تفسير قوله (إذ أيدتك بروح القدس )[ المائدة 5: 11. ] ثم أن طرف جناح واحد من أجنحة جبريل ، كان يكفى العالم من البشر. فكيف لم يكف في منع أولئك اليهود عنه ؟ وأيضا أنه عليه السلام(المسيح) لما كان قادرا على إحياء الموتى ، وإبراء الأكمة والأبرص . فكيف لم يقدر على إماتة أولئك اليهود الذين قصدوه بالسوء وعلى إسقامهم وإلقاء الزمانة والفلج عليهم حتى يصيروا عاجزين ، عن التعرض له ؟
الإشكال الثالث : - أنه تعالى كان قادرا على تخليصه من أولئك الأعداء بان يرفعه إلى السماء . فما الفائدة في إلقاء شبهه على غيره ، إلا إلقاء مسكين في القتل ، من غير فائدة إليه؟
الإشكال الرابع : - أنه ألقى شبهه على غيره ، ثم أنه رفع بعد ذلك إلى السماء فألقوا من اعتقدوا فيه ، أنه عيسى مع أنه ما كان عيسى ، فهذا كان إلقاء لهم في الجهل والتلبيس ، وهذا لا يليق بحكمة الله .
. الإشكال الخامس : - أن النصارى على كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها ، وشدة محبتهم المسيح ، وغلوهم في أمره . أخبروه أنهم شاهدوه مقتولا مصلوبا. فلو أنكرنا ذلك ، كان طعنا في التواتر . والطعن في التواتر يوجب الطعن في نبوة محمد ، ونبوة عيسى ، بل في وجودهما ، ووجود سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وكل ذلك باطل
. والإشكال السادس : - أنه ثبت بالتواتر أن المصلوب بقى حيا زمانا طويلا . فلو لم يكن ذلك عيسى ، بل كان غيره ، لأظهر الجزع ، ولقال : أنا لست بعيسى. بل إنما أنا غيره . ولبالغ في تعريف هذا المعنى ، ولو ذكر ذلك لاشتهر عند الخلق هذا المعنى ، فلما لم يوجد شيء من هذا ، علمنا أن الأمر ليس على ما ذكرتم . (التفسير الكبير مج 4 – ص 243-244 – طبعة دار الغد العربي 1992م)