ولكن أين الإسلام من كل هذا؟
ثانياً: مفهوم كلمة " المسيح" لدى المسلمين: عندما نستخدم، هنا، كلمة " المسلمين" لا نقصد المسلمين الحاليين، إذ أن التباين بينهم شاسع، يتمتع اللا مبالين القسط الأوفر، وهم من اسطلح على تسميتهم- من قبل اليسار الإسلامي- بالإسلام الشعبي. ولكننا نقصد بالمسلمين ، الإسلام نفسه، بحسب مرجعياته الأساسية، والتي يمكن اختزالها في " القرآن"، حيث لا خلاف إلا في تأويله.
لا يخفى على أحد بأن الإسلام، وهو المنفصل تاريخياً ولاهوتياً- إلا من حيث التوحيد المجرد، وهو المشابه لليهودية، حتى في الكثير من طقوسها، وتقسيمه الفقهي- عن كل من اليهودية والمسيحية، يطل علينا، وكأنه يقدم لنا الجديد في شأن " المسيح"!
ولكننا وعندما نقترب منه، لا نجد أي تعريف اصطلاحي، أو لاهوتي، بل استخدام ساذج للفظة " المسيح". وطبعاً الدارس للتاريخ الإسلامي، وبخاصة فترة ما قبل الإسلام، يرى بكل وضوح بأن العلاقة بين نبي الإسلام، واليهودية والمسيحية الأرثوذكسيتين، لم يكن بنهما أي علاقة. إذ ، ومن خلال قراءة القرآن- وهذا ما بيناه في غير هذا المكان بموقعنا- نجد بأن كل علاقته هي مع هرطقات مسيحية، ويهوداً بسطاء يعتمدون على فتاتات تلمودية، أو تفسيرات مدراشية شعبية. وهو ما أنتج المناظرات بين نبي الإسلام وعمداء هذه الفرق البسيطة، وهي مناظرات ساذجة في محتواها ( المباهلة على سبيل المثال، وهي عادة جاهلية بدوية، لا تمت بصلة لأصول دينية ، سواء يهودية أو مسيحية). وبالتالي فلن نجد هذا التداخل بينه ( الإسلام) وبين الديانتين الأخريين!