"الله هو المسيح" (مائدة 75)
وإن بعض نصاري الحجاز كانوا يقولون "إن الله هو المسيح ابن مريم" (مائدة 75) ومقالتهم هذه هي تفسير ثالث لعقيدة النصاري العامة في التثليث أي "الثلاثة" الأقانيم.
ومقالة أولئك تفسير خاطئ لأنها تعني أن جوهر الله كله، وذات الله كلها، وطبيعة الله كلها، قد صارت عيسي ابن مريم. أو تعني علي الأقل "ان الله تعالي حل في ذات عيسي واتحد بذات عيسي" (الرازي) وهذا هو مذهب الذي يجيز علي الله ما لا يجوز أي أن يتغير أو يتبدل أو يتحول.
قال الجلالان : لقد كفروا حيث جعلوا ابن مريم إلهاً، وهم اليعقوبية، فرقة من النصاري.
وقال البيضاوي : هم الذين قالوا بالاتحاد منهم، وقيل لم يصرح به أحد منهم بل حكي لسان حالهم.
وقال الرازي : حكي عن فريق منهم أنهم قالوا "إن الله هو المسيح ابن مريم" وهذا هو قول اليعقوبية لأنهم يقولون : إن مريم ولدت إلهاً. ولعل معني هذا المذهب أنهم يقولون : أن الله تعالي حل في ذات عيسي واتحد بذات عيسي".
ونقول : إن النصاري يكفرون مع القرآن هذه المقالة : ليس لعيسي ابن مريم ذات غير ذات الكلمة الملقاة إلي مريم روحاً من الله : فليس هناك ذاتان بل ذات واحدة تجسدت من مريم أي تدرعت بجسد منها. وهذا القول بعيد كل البعد عن مذهب الحلول والحلولية، ومذهب الامتزاج بين ذات خالقة وذات مخلوقة.
تلك هي التفاسير الثلاثة التي قال بها بعض نصاري العرب الجاهلين، البعيدين عن مراكز النصرانية الحنيفة الرسمية، في ما يتعلق بعقيدة التثليث النصرانية، أي الأقانيم "الثلاثة" في الله الواحد، وتلك مقالات فاسدة جعلت القرآن يكفر أصحابها واحداً واحداً، وينهاهم عن الاعتقاد "بالثلاثة" علي الإطلاق : "ولا تقولوا : ثلاثة ! انتهوا، خير لكم" (نساء 170).