فمقالة "الثلاثة" أو الثالوث أو التثليث لها وجه مقبول ينسجم مع التوحيد الصارم ولها وجه مرذول ينقض التوحيد ويعني تعدد الآلهة. وما نهاهم القرآن عنها "ولا تقولوا : ثلاثة" إلا لأن العرب، أو بعض نصاري العرب الجهال قد فهموا التثليث المسيحي علي غير حقيقته فمالوا به إلي تعدد الآلهة أو تعدد الذات الإلهية، وأقحموا فيه ما ليس منه "مريم أم المسيح"، ونسبوا إلي الله ما يقشعر له المرء أبي استيلاده عيسي من مريم كما سيتظهر من مقالاتهم في ما يلي :"الله ثالث ثلاثة" (مائدة 76)
إن بعض نصاري الحجاز قد فهموا بالثالوث أو "الثلاثة" أن "الله ثالث ثلاثة" (مائدة 76)، ولا يجوز فهم هذا التعبير كفهم سابقه "ولا تقولوا : ثلاثة" لأنه في حد ذاته يجعل الله أحد ثلاثة فيعدد الآلهة، أو يعدد الذات الإلهية. وهذا كفر كما نعته القرآن. ونلاحظ أنه يكفر مقالة "الله ثالث ثلاثة" فيما ينعت مقالة "الثلاثة" بالغلو (نساء 170).
وقد تفسر هذه المقالة بأن "الابن والروح إلهان من دون الله" وهي تعني حتماً تعدد الآلهة، وقد تفسر بأن "المسيح ومريم إلهان من دون الله" وظاهرها يعني أيضاً تعدد الآلهة. ويميل القرآن إلي التفسير الثاني لأن الآية 78 من المائدة بيان للآية 76 منها. وكلا القولين كفر كما نعتهما القرآن، بيد أن القرآن لا ينسبهما إلي عموم نصاري الحجاز بل إلي الذين "كفروا منهم" (76).
قال الجلالان : أي أحد آلهة ثلاثة والآخران عيسي وأمه. وهم فرقة من النصاري.
وقال البيضاوي : أي أحد ثلاثة وهو حكاية عما قاله النسطورية (؟) والملكانية منهم القائلون بالأقانيم الثلاثة وما سبق (75) قول اليعقوبية القائلين بالاتحاد.