الموضوع: إثيوبيا
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14 - 05 - 2012, 10:09 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,348,599
افتراضي

- تاريخ إثيوبيا:

يروي مؤرخو اليونان القدماء الكثير من الروايات الخيالية والأساطير عن إثيوبيا، وأحيانًا يخلطون في معلوماتهم الجغرافية فيذكرون أن إثيوبيا تمتد إلى الهند ، كما أن أقوالهم عن حيواناتها ونباتاتها العجيبة خيالية أيضًا. ويمتدح هوميروس الإثيوبيين بأنهم " الجنس الخالي من العيوب " كما يضعهم غيره من الكتّاب في أول الأجناس لمعرفتهم الدينية، ولعل ذلك جاء من احترام الأحباش للكهنة الذين بيدهم سلطان الحياة والموت فوق الملوك - حسب التقاليد القديمة - أو أنه جاء من اعتقاد المصريين بأن "أرض الآلهة" تقع في جنوبي الحبشة.
ومن المثير حقًا أن أنبياء الكتاب المقدس لا يقعون في مثل هذه الأخطاء الشائعة بل " يقدمون فكرة صحيحة عن الظروف الجغرافية والسياسية للحبشة" (كما يقول ماكس مولر).
وأقدم معلومات تاريخية عن الحبشة ترجع إلى الأسرة الرابعة الفرعونية عندما غزا سنفرو البلاد وسبي سبعة آلاف من العبيد، ومائة ألف من الماشية. وفي زمن الأسرة السادسة وصل المصريون جنوبًا إلى الشلال الثاني، وأتوا معهم ببعض الأقزام، ولكنهم لم يستقروا طويلًا في حكم تلك البلاد. وبدأ احتلال مصر لتلك المناطق في الأسرة الثانية عشرة. ويسجل أسرتسن الثالث متهكمًا :"إن الزنوج يبدون الطاعة حالما تفتح شفتيك، وهم ليسوا شجعانًا بل بالحري بائسين من كل وجه ". ولكن رغم هذه السخرية ، أجبر هؤلاء الأحباش - العراة الذين يرتدون جلود الحيوانات المتوحشة بأذيالها - فرعون على محاربتهم جملة مرات قبل أن يستطيع إقامة حد عند الشلال الثاني، ولم يكن في استطاعة أي زنجي أن يتجاوزه دون إذن. ويمكن إدراك أنهم لم يكونوا جبناء، من الأغاني التي ألفها المصريون ابتهاجًا بإخضاعهم، ومن أن الفراعنة الذين جاءوا بعد ذلك شجعوهم على الانخراط في جيوشهم حتى أصبحت كلمة " نوبي " في الهيروغليفية تدل على " رامي السهام ". ونقلت الأسرة الثامنة عشرة هذا الحد إلى ما وراء الشلال الثالث في منطقة دنقلة الغنية، وكان المصريون يفخرون بالجزية الكبيرة التي كانوا يجبونها من الأحباش، فقد بلغت في إحدى المرات 2.667 " حمولة رجل " من العاج والأبنوس والأطياب والذهب وريش النعام، علاوة على قطعان الماشية والحيوانات البرية والعبيد. وتبدو كراسي العاج والحلي أحيانًا بربرية في طرازها ولكنها دقيقة في صناعتها، كما أن مصانع النحاس والبرونز ومسابك الحديد الضخمة في إثيوبيا ترجع إلى عصر مبكر. وكان مئات المجرمين يعملون في مناجم الذهب في إثيوبيا، ويبدون في صورهم مقطوعي الأذان ومجدوعي الأنوف. وقد أمدت هذه المناجم مصر بالذهب في القرن الخامس عشر قبل الميلاد حتى صار " كالتراب". وكان ابن فرعون وولي عهده، يفخر بلقبه " كأميركوش ". وقد بني أمنحوتب الرابع ( أخناتون، المصلح الديني الشهير - 1370 ق.م) ثاني معابده ضخامة (وهو الوحيد الباقي من آثاره) في بلاد النوبة. وحاولت الأسرة التاسعة عشرة أن تستعمر إثيوبيا. ويمكن رؤية أعظم ما شيد الإنسان من معابد، في الجنوب حتى الشلال الرابع. وظلت مصر تحكم بلاد كوش طيلة خمسة قرون حتى سنة 1000 ق.م، وحين قامت حرب الاستقلال، فاز فيها الكوشيون حتى إن الملوك الكوشيين المنتصرين قادوا جيوشهم شمالًا إلى طيبة وإلى منف وحكموا كل مصر لمدة قرن (763 - 663 ق.م) من نباتا عاصمة النوبة والتي أصبحت في عمائرها "طيبة الجنوب "، كما حكموا مصر العليا مدة قرن آخر (بل وفي بعض عهود البطالمة). ومع أن قادة تلك الثورة كانوا بلا شك سلالة الكهنة الذين نفوا من طيبة، إلا أنه من الواضح أنهم امتزجوا بالدم الأثيوبي، مع تحليهم بالأخلاق البيوريتانية وروح الرفق التي تميزوا بها عن الفراعنة الصارمين.
كان شاباكا (= سوا، 715 - 707 ق. م.) وتهراقة أو ترهاقة (693 - 667 ق. م) المذكورين في الكتاب المقدس، هما آخر ملوك إثيوبيا العظام. وعندما أجبر أشور بانيبال تانوثمان بن شاباكا وابن أخت ترهاقة على أن يتخلى عن حكم مصر ويتراجع إلى الجنوب، فضى بذلك على نفوذ الإثيوبيين. وقد أخضع قمبيز (525 - 521 ق.م) النوبة حتى الشلال الثالث وجعلها تحت الجزية (انظر حز 30: 4) ولكن الملك جمينس - قرب ختام القرن الثالث قبل الميلاد - شق عصا الطاعة على الكهنوت المصري. ومع أن إثيوبيا ظلت محمية رومانية، لكن يبدو أنها كانت قليلة الأهمية لهم حتى انها قلما تذكر في ذلك العهد. وبعد أن طرد الكوشيون من مصر، ظلوا يعبدون آلهة طيبة، ولكن بزوال النفوذ المصري تحولت طقوس العبادة شيئًا فشيئًا إلى الطقوس الأفريقية والبربرية. وحتى بعد أن سادت المسيحية في كل مكان آخر ظل النوبيون حتى القرن الخامس الميلادي يحجون إلى معبد فيلة لتقديم السجود لتمثال إيزيس. وفي القرن السادس الميلادي أسس ملك إثيوبي اسمه " سلكو " مملكة مسيحية في شمالي السودان متخذًا من دنقلة عاصمة له، وقد رفع من ثقافة البلاد. وفي القرن التالي أخضع العرب البلاد للجزية، وقد اقتضاهم ذلك إرسال جيش جرار. وطل العرب يأخذون كل سنة 360 من العبيد كجزية مع بعض الأموال، ولو أن ذلك كان يستلزم إرسال حملات بلا عدد لتحصيل الجزية. وقد رفض ملوك النوبة التحول عن عقيدتهم، وتضاعف عدد الكنائس على ضفتي النيل. وفي القرن الثامن غزا مائة ألف من النوبيين مصر للرد على إهانة الحكام العرب للبطريرك القبطي، والإزدراء بالصور الموجودة في الكنائس. وفي القرن الثالث عشر، رفض داود ملك النوبة دفع الجزية بل وشرع في غزو مصر، ولكن العرب أوقعوا به عقابًا صارمًا، ونهبوا الكنائس وعذبوا المسيحيين، حتى الشلال الرابع، وكانت في ذلك بداية النهاية، ففي ختام القرن الخامس عشر، هدمت كل الكنائس ودمرت كل المذابح.
رد مع اقتباس