5- الامبراطورية البابلية الجديدة في زمن نبوخذراصر من 604 – 562 ق.م.: ولم يكن هناك فرق كبير بين قسوة طغيان السادة الجدد وطغيان السادة السابقين، حيث يصف حبقوق الامبراطورية الكلدانية بالقول:"الأمة المرة القاحمة .. خليها أسرع من النمور وأحد من ذئاب المساء، وفرسانها ينتشرون، وفرسانها يأتون من بعيد ويطيرون كالنسر المسرع إلي الأكل" (حب 1: 7 و8). وبعد موقعة كركميش، أصبح نبوخذراصر سيدًا علي كل أسيا الغربية بما فيها يهوذا، وكان من العبث أن تحاول يهوذا الارتماء في أحضان مصر، وهي تري أن لنبوخذراصر ذراعًا طويلة وقوية يستطيع بها تأديب من يخرج من عبيده عن طاعته.
وكانت رسالة إرميا النبي في هذه الفترة الحرجة من تاريخ يهوذا، وهي أن السبيل الوحيد للنجاة من نقمة الله التي توشك أن تقع علي البلاد والشعب، هو الخضوع والطاعة لملك بابل والإِصلاح الأدبي بعد أن استشري الفساد. ويخبرهم باسم الرب، بالدينونة الوشيكة الوقوع علي يد الكلدانيين علي أوشليم والشعوب المجاورة، بل إنه ينبئهم بمدة خضوعهم للكلدانيين: "وتصير كل هذه الأرض خرابًا ودهشًا وتخدم هذه الشعوب ملك بابل سبعين سنة" (ارميا 25: 11). ولكن لم تكن رسالة إرميا هذه مقبولة عند أنصار مصر وعند الذين كانوا يعتقدون في مناعة أورشليم. ولكن النبي أعلن مصير أورشليم في عبارات صارمة وتصوير قوي، فأدي رسالته بكل أمانة في مواجهة اضطهادات عنيفه بل والمخاطرة بحياته.