معجزات يسوع المسيح بحسب الإنجيل
اتفق أصدقاء الحق، في آخر لقاء لهم، أن يقرأوا في بيوتهم بينات عيسى ومعجزاته كي يتحدثوا عنها في هذا اللقاء. وعندما اجتمعوا طلب منهم القس فادي عبد المسيح أن يقرأ كل واحد منهم، وبالتناوب، معجزة من معجزات يسوع المسيح.
شفاء المسكون بالأرواح النجسة داخل المجمع
قرأ الشيخ أحمد البعمراني:
“ثُمَّ دَخَلُوا كَفْرَنَاحُومَ، وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ الْمَجْمَعَ فِي السَّبْتِ وَصَارَ يُعَلِّمُ. فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ. وَكَانَ فِي مَجْمَعِهِمْ رَجُلٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ، فَصَرَخَ قَائِلاً: آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ! أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ، قُدُّوسُ اللّهِ! فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: اخْرَسْ وَاخْرُجْ مِنْهُ! فَصَرَعَهُ الرُّوحُ النَّجِسُ وَصَاحَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَجَ مِنْهُ. فَتَحَيَّرُوا كُلُّهُمْ، حَتَّى سَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً قَائِلِينَ: مَا هذَا ؟ مَا هُوَ هذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ؟ لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ يَأْمُرُ حَتَّى الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتُطِيعُهُ! فَخَرَجَ خَبَرُهُ لِلْوَقْتِ فِي كُلِّ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالْجَلِيلِ”
(مرقس 1: 21-28).
فسر ناجي فياض هذه الايات قائلا:
كان يسوع المسيح تقيا ورعا يدخل بشكل منتظم إلى الكنيس (مسجد اليهود ) لا ليسمع ما يُقرأ ويُشرح، بل لكي يعلِّم أيضاً. وكان هناك إنسان به روح نجس، فلما أحس باقتراب المسيح منه، وشعر بسلطانه صرخ بصوت عظيم وقال: “يا يسوع هل أتيت حتى تهلكنا، إنك تملك سلطاناً، أنت قدوس الله”.
أضاف الشيخ عبد العليم الشرقاوي:
لم يسمح عيسى للروح الشرير بالكلام، لأنه لم يرغب أن يؤمن به الناس على أساس هذا الكلام، لذلك منع ابن مريم الروح من الاستمرار في التخاطب معه، فطرده بأمر واحد “أُخرج” ففارقه الروح في الحال ثم أعقبته صرخات مرعبة. عيسى يملك سلطاناً على الأرواح النجسة التي تخافه وتخضع لكلامه وأوامره. عندما يدخل المسيح أية قبيلة أو بيت يتطهر المكان من كل ما هو نجس، لأن الأرواح النجسة تهرب من أمامه باستمرار.
شفاء الأبرص
قرأ التاجر البشير الدمشقي:
“فَأَتَى إِلَيْهِ أَبْرَصُ يَطْلُبُ إِلَيْهِ جَاثِياً وَقَائِلاً لَهُ: إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي! فَتَحَنَّنَ يَسُوعُ وَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ وَقَالَ لَهُ: أُرِيدُ، فَاطْهُرْ. فَلِلْوَقْتِ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ ذَهَبَ عَنْهُ الْبَرَصُ وَطَهَرَ. فَانْتَهَرَهُ وَأَرْسَلَهُ لِلْوَقْتِ، وَقَالَ لَهُ: انْظُرْ، لاَ تَقُلْ لأَحَدٍ شَيْئاً، بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى، شَهَادَةً لَهُمْ. وَأَمَّا هُوَ فَخَرَجَ وَابْتَدَأَ يُنَادِي كَثِيراً وَيُذِيعُ الْخَبَرَ، حَتَّى لَمْ يَعُدْ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَدِينَةً ظَاهِراً، بَلْ كَانَ خَارِجاً فِي مَوَاضِعَ خَالِيَةٍ، وَكَانُوا يَأْتُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ”
(مرقس1: 40-45 قارن أيضاً متى 8: 2-4 ولوقا 5: 12-16).
قال القس فادي عبد المسيح:
ما الفريد في هذه المعجزة؟؟
أجاب الشيخ محمد الفيلالي:
البرص مرض خبيث ليس باستطاعة أحد أن يشفى منه بشكل كامل، أمّا هذا الأبرص فيظهر أنه قد سمع عن قدرة عيسى على الشفاء، وأنه يحب المرضى فآمن به وتقدم إليه قائلا: “إن أردت تقدر أن تطهرني”، لم يشك المصاب في قدرة المسيح الشفائية.
أجابه الشيخ عبد العليم الشرقاوي:
قرر عيسى أن يشفيه على الفور، إنه دائماً يبحث عن المرضى والمحتاجين. تحنَّن على المسكين المتألم ومد يده ولمس جلده المريض، رغم تراجع الجميع إلى الوراء خوفاً من انتقال العدوى إليهم. فوجه المسيح كلامه إلى الأبرص وقال بصوت عال: “أريدك أن تطهر فاطهر... “ما أعظم هذه الكلمات الموجهة إلى الأبرص، وكذلك إلى كل واحد منا، لأنه يريد أن يطهرنا من كل نجاساتنا. فمن يؤمن بكلمته يختبر قدرته على التطهير والشفاء.
أضاف رياض العلمي:
نقرأ في هذا النص أن يسوع المسيح بعد ما خاطب المريض اختفى المرض مباشرة، وأصبح جسم هذا الشخص نقياً طاهراً كما كان يوم ولادته. لقد راقب الجميع عملية الشفاء بأُم أعينهم. لكن لماذا منع عيسى المريض أن يخبر الآخرين بهذه المعجزة العظيمة؟ لو سمح له بذلك لكانت أفضل دعاية للمسيح؟؟
أجاب ناجي فياض:
لم يرد يسوع أن يكسب الناس بواسطة معجزات وشفاءات باهرة، بل تمنى أن يعرفوا الخطيئة، ويندموا عليها، ويتوبوا توبة نصوحة صادقة، فإن لم يندم الخاطئ على آثامه، وينسحق أمام الله، فلن يتأصل الإيمان في قلبه. أمر يسوع المشفى أن يذهب إلى الكهنة، ويقدم ذبيحة الإثم لكي لا يقتصر على التطهير الجسدي فحسب، بل أن يطهر نفسه النجسة. إن يسوع يريد شفاء كل الأمراض، غير أن شفاء النفس تحظى بالأولوية والإهتمام.
شفاء غلام الضابط الروماني
قرأ الشيخ عبد السميع الوهراني:
“وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ كَفْرَنَاحُومَ، جَاءَ إِلَيْهِ قَائِدُ مِئَةٍ يَطْلُبُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ يَا سَيِّدُ، غُلاَمِي مَطْرُوحٌ فِي الْبَيْتِ مَفْلُوجاً مُتَعَذِّباً جِدّاً فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ أَنَا آتِي وَأَشْفِيهِ فَأَجَابَ قَائِدُ الْمِئَةِ · يَا سَيِّدُ، لَسْتُ مُسْتَحِقّاً أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي، لكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَقَطْ فَيَبْرَأَ غُلاَمِي. لأَنِّي أَنَا أَيْضاً إِنْسَانٌ تَحْتَ سُلْطَانٍ. لِي جُنْدٌ تَحْتَ يَدِي. أَقُولُ لِهذَا اذْهَبْ فَيَذْهَبُ، وَلآخَرَ اِيتِ فَيَأْتِي، وَلِعَبْدِيَ افْعَلْ هذَا فَيَفعَلُ فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ تَعَجَّبَ، وَقَالَ لِلَّذِينَ يَتْبَعُونَه اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ، لَمْ أَجِدْ وَلاَ فِي إِسْرَائِيلَ إِيمَاناً بِمِقْدَارِ هذَا. وَأَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إلى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ · اذْهَبْ، وَكَمَا آمَنْتَ لِيَكُنْ لَكَ فَبَرَأَ غُلاَمُهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ”
(متى 8: 5-13، قارن أيضاً لو7: 1-10 ويو4: 46-53).
أوضَحَ ناجي فياض:
كانت مدينة كفر ناحوم ملتقى لطرق البعيدة والقريبة من مصب الأردن في بحيرة طبرية. وقد اختار يسوع هذه المدينة مقراً له، إذ أجرى فيها معظم معجزاته، وكان الرومان قد أسسوا فيها ثكنة عسكرية صغيرة تتكون من مئة جندي ليوفروا النظام ويُشيعوا الاستقرار.
قال الشيخ عبد الله السفياني:
إذاً، فقائد جيش المستعمرين في كفر ناحوم تقدم شخصياً إلى يسوع المسيح طالباً منه شفاء غلامه، وهذا يعني أنه كانت ليسوع اتصالات مشبوهة وواضحة مع عدو الأمة.
أجاب ناجي فياض:
تمهل، لم يتقدم يسوع إلى قائد المئة، بل الضابط هو الذي أتى إليه طالبا منه، بكل تواضع واحترام، عدم الدخول تحت سقفه، كي لا يتهم بأنه عميل للرومان، وكان هذا الضابط يؤمن بأن كل الأرواح والأمراض تخضع لسلطة يسوع وتطيع أوامره، بدون أي عناد أو شرط مسبق، حتى ولو كانت بعيدة عنه. كانت تصله كل الأخبار عن يسوع المسيح من خلال أعوانه وأتباعه الذين يجولون في المنطقة، فأدرك أنه ليس بثائر سياسي بل هو رجل دين له سلطة الله.
أجابه التاجر البشير الدمشقي:
تعجب يسوع من إيمان القائد ومن أنه يدرك محبة الله لكل العالم، فأثبت له المسيح أنه سوف يجلس مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في ملكوت السماوات لأجل إيمانه به.
قال الشيخ عبد السميع الوهراني:
إن أكثرية اليهود لم يؤمنوا بالمسيح فبشرهم بالعذاب الأليم، أمّا غلام الضابط فشفاه من مسافة بعيدة جداًّ دون أن يلتقي به أو حتى يلمسه، وذلك بفضل إيمان سيده.
قرأ الشيخ عبد الله السفياني:
“ثُمَّ دَخَلَ كَفْرَنَاحُومَ أَيْضاً بَعْدَ أَيَّامٍ، فَسُمِعَ أَنَّهُ فِي بَيْتٍ. وَلِلْوَقْتِ اجْتَمَعَ كَثِيرُونَ حَتَّى لَمْ يَعُدْ يَسَعُ وَلاَ مَا حَوْلَ الْبَابِ. فَكَانَ يُخَاطِبُهُمْ بِالْكَلِمَةِ. وَجَاءوا إِلَيْهِ مُقَدِّمِينَ مَفْلُوجاً يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةٌ. وَإِذْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْتَرِبُوا إِلَيْهِ مِنْ أَجْلِ الْجَمْعِ، كَشَفُوا السَّقْفَ حَيْثُ كَانَ. وَبَعْدَ مَا نَقَبُوهُ دَلَّوُا السَّرِيرَ الَّذِي كَانَ الْمَفْلُوجُ مُضْطَجِعاً عَلَيْهِ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ، قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: يَا بُنَيَّ، مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ. وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ هُنَاكَ جَالِسِينَ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ: لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هَذَا هَكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ؟ فَلِلْوَقْتِ شَعَرَ يَسُوعُ بِرُوحِهِ أَنَّهُمْ يُفَكِّرُونَ هكَذَا فِي أَنْفُسِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِهذَا فِي قُلُوبِكُمْ؟ أَيُّمَا أَيْسَرُ: أَنْ يُقَالَ لِلْمَفْلُوجِ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ، أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ؟ وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَاناً عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا. قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: لَكَ أَقُولُ قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَاذْهَبْ إلى بَيْتِكَ. فَقَامَ لِلْوَقْتِ وَحَمَلَ السَّرِيرَ وَخَرَجَ قُدَّامَ الْكُلِّ، حَتَّى بُهِتَ الْجَمِيعُ وَمَجَّدُوا اللّهَ قَائِلِينَ: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ هذَا قَطُّ!”
(مرقس2: 1- 12 قارن أيضاً متى 9: 2-8 ولو5: 17-26).
لاحظ الشيخ أحمد البعمراني:
لم يقدر المفلوج أن يمشي من تلقاء نفسه، أمّا أصدقاؤه فكانوا متحمسين للقاء عيسى، فحملوه وسط ازدحام الجموع عجزوا عن التقدم به أكثر، خطرت ببالهم فكرة الصعود إلى السطح، فأحدثوا فيه فتحة، ولشدة حماسهم دلوه منها ووضعوه أمام يسوع المسيح. فلو قدَّر الله وفعلوا هذا في منزلي، لوبختهم ولألقيت بهم من على السطح إلى الأسفل.
أجاب الشيخ عبد العليم الشرقاوي:
نظر يسوع إلى الشخص الذي وُضع أمامه وعَرف السبب الخفي لمرضه، فغفر له خطاياه أولاً، حتى يتمكن من شفائه جسديا. فيسوع المسيح هو الفادي الحقيقي الذي له سلطة غفران الخطايا.
قاطعه الشيخ عبد السميع الوهراني فقال:
أعوذ بالله، ليس هناك من يغفر الخطايا إلا الله، وسوف يخبرنا سبحانه وتعالى يوم الحساب من هم الذين غفر لهم ومن أمسك عنهم مغفرته.
استمر الشيخ عبد العليم الشرقاوي في حديثه:
عرف عيسى بأفكار المتدينين الذين فكروا بمثل ما قلته الآن، فقال لهم: “ما هو الأسهل: أن يقول أحدهم مغفورة خطاياك، أو احمل سريرك وامش؟” فأخْرج المسيح خصومه حتى يكرموا الحق. لذلك قال للمفلوج: “قم احمل سريرك واذهب إلى بيتك”.
قال ناجي فياض:
ليفكر كل واحد منا في قول يسوع المسيح، ما هي أهم نقطة في كلمات يسوع: “مغفورة لك خطاياك، أم قم واحمل سريرك وامش”؟
ربما لاحظتم أن يسوع في تواضعه سمى نفسه “ابن الإنسان” وليس “ابن الله”. فروح الله الحال فيه منحه أحاسيس ومشاعر. ومع كونه إنساناً حلَّ فيه روح الله في الوقت نفسه، وروح الله هذا هو الذي أعطاه سلطة غفران الخطايا وإجراء المعجزات والآيات الخارقة.