+ السلام لك يا مريم ابنة الملك داود :
لما بشر الملاك العذراء بالحبل الإلهى قال : " .......... وها انت ستحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع هذا يكون عظيما وإبن العلى يدعى ويعطيه الرب الإله كرسى داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية " ( لو 1 : 31 ) وسمى داود أبو المسيح لأن العذراء مريم هى إبنة داود أى من نسله وسلالته .
وقال الملاك مخاطبا يوسف خطيب مريم والذى من عشرتها أى من بيت داود وسلالة يهوذا : " يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم إمرأتك " ( مت 1 : 20 ) لكى يذكره بوعد الرب لداود بمجىء المسيح من نسله بقوله : " أقسم الرب لداود بالحق ولا يحنث أن من ثمرة بطنك أضع على كرسيك " ( مز 132 : 11 ) .
لقد رأى داود إبنته مريم من بعيد بعين النبوة وأنها ستكون هى الملكة أم الملك ، فأوصاها بروح النبوة وبمحبة الأبوة قائلا : " أسمعى يا إبنتى وانظرى وأميلى سمعك وأنسى شعبك وبيت أبيك فإن الملك قد اشتهى حسنك لأنه هو ربك وله تسجدين " ( مز 45 : 10 – 11 ) .
وقال فى نفس المزمور أيضا جلست الملكة عن يمينك بذهب أوفير ( مز 45 : 9 ) لقد سماها " صهيون الأم " ، فقال : " صهيون الأم تقول أن إنسانا وإنسانا ولد فيها وهو العلى الذى أسسها ، الرب يحدث فى كتب الشعوب أن هذا ولد هناك " ( مز 87 : 5 – 6 ) .
نال الملك داود عن طريق أبوته للقديسة مريم شرفا وكرامة لم ينلها من ملكه ولا عظمته ولا جبروته ، أصبح له شرف أن يكون جد المسيح بالجسد .
+ + +
+ السلام لك يا مريم صديقة سليمان :
لبش الأثنين يبين العلاقة بين سليمان وبين العذراء مريم فيقول : " .... وأيضا سليمان الجامعة هكذا يقول فى نشيد الأنشاد " يا أختى وخليلتى الكاملة رائحة ثيابك هى عنبر " وفى ذكصولوجية رفع بخور عشية الخاصة بالعذراء نقول : " سليمان دعاها فى نشيد الأنشاد وقال : أختى وصديقتى مدينتى الحقيقية أورشليم ، لأنه أعطى علامة عنها بأسماء كثيرة عالية قائلا من بستانك أيتها العنبر المختار .
وفى ذكصولوجية نصف الليل الخاصة بالعذراء نقول " عظمتك يا مريم العذراء غير الدنسة تشبه النخلة التى تكلم عنها سليمان " .
هذه النصوص تكشف لنا رموزا جديدة من رموز عروس النشيد التى تغنى سليمان كثيرا بجمالها وطهارتها .
نحن نعرف أن عروس النشيد ترمز إلى النفس الإنسانية وترمز أيضا إلى الكنيسة المقدسة عروس المسيح التى اشتراها بدمه . وهنا يضيف الآباء رمز عروس النشيد إلى العذراء القديسة مريم التى تغنى سليمان كثيرا بفضائلها العالية وخصالها الحميدة .
فعن طهارتها قال : " مشرقة مثل الصباح جميلة كالقمر ، طاهرة كالشمس ، مرهبة كجيش بألوية " ( نش 6 : 10 ) .
وعن بتوليتها قال :
" أختى العروس جنة مغلقة عين مقفلة ينبوع مختوم " ( نش 4 : 12 ) .
وعن عبادتها ونسكها وأصوامها قال :
" معطرة بالمر واللبان وكل أذرة التاجر " ( نش 3 : 6 ) .
وعن هدوئها ووداعتها قال :"عيناك حمامتان " ( نش 1 : 15 ) .
وقد تنبأ سليمان عن مجىء المسيح وميلاده من العذراء مريم بطريقة إعجازية فقال :
" ينزل مثل المطر على الجزاز ومثل الغيوث الذارفة على الأرض . يشرق فى أيامه الصديق وكثرة السلام إلى أن يضمحل القمر ويملك من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصى الأرض " ( مز 72 لسليمان 6 – 8 ) .
ويقول أيضا " كل الأمم تتعبد له لأنه ينجى الفقير المستغيث والمسكين إذ لا معين له .. يشفق على المسكين والبائس ويخلص أنفس الفقراء ... يكون اسمه إلى الدهر قدام الشمس يمتد اسمه ويتباركون به كل أمم الأرض " ( مز 72 : 11 – 17 ) . وقد مدح السيدة العذراء مريم بروح النبوة قائلا : " بنات كثيرات عملن فضلا أما أنت ففقت عليهن جميعا " ( أم 31 : 29 ) وتستعمل الكنيسة هذه العبارة فى ألحانها الخاصة بالعذراء .
+ + +
+ السلام لك يا مريم خلاص إشعياء
أعطت الكنيسة إشعياء النبى " لقب النبى الأنجيلى " وذلك بسبب نبواته الكثيرة عن المسيح فى مختلف مراحل حياته كأنه شاهد عيان للمسيح المتجسد على الأرض فعن ميلاده البتولى العجيب من العذراء مريم قال : " يعطيكم السيد نفسه آية .. كا العذراء تحبل وتلد إبنا وتدعو اسمه عمانوئيل .... يرفض الشر ويختار الخير " ( إش 7 : 14 ) .
من كتاب القمص تادرس يعقوب :
يتميز إشعياء بكثرة النبوات عن السيد المسيح :
من جهة ميلاده من عذراء : [ 7 : 14 ] : " ولكن يعطيكم السيد نفسه آية ، ها العذراء تحبل وتلد أبنا وتدعو اسمه عمانوئيل " .
من جهـــة لاهوتـــــه :
[ 9 : 6 ] : " ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام " .
من نسل يسى :
[ 11 : 1 ] : " ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله ، "
معلن الحق للأمم : [ 42 : 1 ] : " هوذا عبدى الذى أعضده مختارى الذى سرت به نفسى ، وضعت روحى عليه فيخرج الحق للأمم ، ... " .
يسلك بالوداعة : [ 42 : 2 ] : " لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع فى الشارع صوته " .
واهب الرجاء للكل : [ 42 : 3 ] : " قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفىء ، إلى الأمان يخرج الحق " .
هروبه إلى مصر وإقامة مذبح كنيسة العهد الجديد هناك : [ 19 ] : " وحى من جهة مصر ، هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها ، .... " .
الآمه وصلبه [ 50 : 6 ، 53 : 1 – 12 ] .
فتح طريق الفرح للمفديين بقيامته [ 35 : 8 – 10 ] : " وتكون هناك سكة وطريق يقال لها الطريق المقدسة ، ..... " .
تحدث أيضا عن الروح القدس وعطيته الفائقة فى العصر المسيانى :
[ 11 : 2 ] : " ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب " . وكذلك ما ورد فى الأصحاحات : [32 : 15 ؛ 40 : 7 ؛ 42 : 1 ؛ 44 ؛ 3 ؛ 61 : 1 ..... الخ ]
بعض الآيات التى اقتبست من سفر إشعياء عن السيد المسيح
ووردت فى العهد الجديد (من كتاب د . أنطون يعقوب ميخائيل )
1 : 23 [ هوذا العذراء تحبل وتلد أبنا ويدعون أسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا ] .
7 : 14 [ ولكن يعطيكم السيد نفسه آية ، .. ]
3 : 3 [ فإن هذا هو الذى قيل عنه بأشعياء النبى القائل صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب ، اصنعوا سبله مستقيمة ] .
40: 3 [ صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب ، قوموا فى القفر سبيلا لإلهنا ] .
4 : 15 ، 16[ أرض زبولون وأرض نفتاليم طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم ، الشعب الجالس فى ظلمة أبصر نورا عظيما .... ]
9 : 1 ، 2 [ ولكن لا يكون ظلام للتى عليها ضيق ، كما أهان الزمان الأول أرض زبولون وأرض نفتالى يكرم الأخير طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم ]
8 : 17 [ لكى يتم ما قيل بأشعياء النبى القائل هو أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا ] .
53 : 4 [ لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا ]
12 : 18 [ هوذا فتاى الذى اخترته ، حبيبى الذى سرت به نفسى ، أضع روحى عليه فيخبر الأمم بالحق ]
42 : 1 [ هوذا عبدى الذى أعضده مختارى الذى سرت به نفسى ، وضعت روحى عليه فيخرج الأحق للأمم ]
13 : 14 [ فقد تمت فيهم نبوة إشعياء القائلة تسمعون سمعا ولا تفهمون ، ومبصرين تبصرون ولا تنظرون ]
6 : 9 ، 20 [ فقال اذهب وقل لهذا الشعب اسمعوا سمعا ولا تفهموا وابصروا أبصارا ولا تعرفوا ]
15 : 8 ، 9 [ يقترب إلى هذا الشعب بفمه ويكرمنى بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عنى بعيدا ، وباطلا يعبدوننى وهم يعلمون تعاليم هى وصايا الناس ]
29 : 13 [ فقال السيد لأن هذا الشعب قد اقترب إلى بفمه وأكرمنى بشفتيه وأما قلبه فأبعده عنى وصارت مخافتهم منى وصية الناس معلمة ]
24 : 29 [ وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطى ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات السموات تتزعزع ]
13 : 10 [ فإن نجوم السموات وجبابرتها لا تبرز نورها ، تظلم الشمس عند طلوعها والقمر لا يلمع بضوءه ]
1 : 3 [ صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب أصنعوا سبله مستقيمة ]
40 : 3 [ صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب ، قوموا فى القفر سبيلا لإلهنا ]
4 : 12 [ لكى يبصروا مبصرين ولا ينظروا ويسمعوا سامعين ولا يفهموا لئلا يرجعوا فتغفر لهم خطاياهم ]
6 : 9 [ فقال اذهب وقل لهذا الشعب اسمعوا سمعا ولا تفهموا وابصروا إبصارا ولا تعرفوا ]
7 : 6 [ فأجاب وقال لهم حسنا تنبأ إشعياء عنكم أنتم المرائين كما هو مكتوب ، هذا الشعب يكرمنى بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عنى ] .
29 : 13 [ فقال السيد لأن هذا الشعب قد اقترب إلىبفمه وأكرمنى بشفتيه وأما قلبه فأبعده عنى وصارت مخافتهم منى وصية الناس معلمة ]
11 : 17 [ وكان يعلم قائلا لهم أليس مكتوبا بيتى بيت صلوة يدعى لجميع الأمم ، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص ]
56 : 7 [ آتى بهم إلى جبل قدسى وأفرحهم فى بيت صلاتى وتكون محرقاتهم وذبائحهم مقبولة على مذبحى لأن بيتى بيت الصلوة يدعى لكل الشعوب ]
15 : 28 [ فتم الكتاب القائل وأحصى مع أثمة ] .
53 : 12[ لذلك أقسم له بين الأعزاء ومع العظماء يقسم غنيمة من أجل أنه سكب للموت نفسه وأحصى مع أثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع فى المذنبين ]
2 : 24 [ وباركهما سمعان وقال لمريم أمه ها إن هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين فى إسرائيل ولعلامة تقاوم ]
8 : 14 [ ويكون مقدسا وحجر صدمة وصخرة عثرة لبيتى إسرائيل وفخا وشركا لسكان أورشليم ]
19 : 46 [ قائلا لهم : مكتوب إن بيتى بيت الصلوة وأنتم جعلتموه مغارة لصوص ]
56 : 7 [ آتى بهم إلى جبل قدسى وأفرحهم فى بيت صلاتى وتكون محرقاتهم وذبائحهم مقبولة على مذبحى لأن بيتى بيت الصلوة يدعى لكل الشعوب ]
22 : 37 [ لأنى أقول لكم إنه ينبغى أن يتم فى أيضا هذا المكتوب وأحصى مع أثمة لأن ما هو من جهتى له انقضاء ] .
53 : 12 [ لذلك أقسم له بين الأعزاء ومع العظماء يقسم غنيمة من أجل أنه سكب للموت نفسه وأحصى مع أثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع فى المذنبين ]
1 : 23 [ قال أنا صوت صارخ فى البرية قوموا طريق الرب كما قال إشعياء النبى ]
40 : 3 [ صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب ، قوموا فى القفر سبيلا لإلهنا ]
12 : 40 [ قد أعمى عيونهم وأغلظ قلوبهم لئلا يبصروا بعيونهم ويشعروا بقلوبهم ويرجعوا فأشفيهم ]
6 : 10 [ غلظ قلب هذا الشعب وثقل أذنيه وأطمس عينيه لئلا يبصر بعينيه ويسمع بأذنيه ويفهم بقلبه ويرجع فيشفى ]
7 : 49 ، 50 [ السماء كرسى لى والأرض موطىء لقدمى ، أى بيت تبنون لى يقول الرب وأى هو مكان راحتى ]
66 : 1 ، 2 [ هكذا قال الرب ، السموات كرسى والأرض موطىء قدمى ، ..... ] .
8 : 32 ، 33 [ وأما فصل الكتاب الذى كان يقرأه فكان هذا : مثل شاة سيق إلى الذبح ومثل خروف صامت أمام الذى يجزه هكذا لم يفتح فاه ، ....]
53 : 7 ، 8 [ ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه ] .
13 : 34 [ أنه أقامه من الأموات غير عتيد أن يعود أيضا إلى فساد فهكذا قال أنى سأعطيكم مراحم داود الصادقة ] .
55 : 3 [ أميلوا أذانكم وهلموا إلى ، اسمعوا فتحيا أنفسكم وأقطع لكم عهدا أبديا مراحم داود الصادقة ]
13 : 47 [ لأن هكذا أوصانا الرب ، قد أقمتك نورا للأمم لتكون أنت خلاصا إلى أقصى الأرض ] .
49 : 6 [ فقال قليل أن تكون لى عبدا لإقامة أسباط يعقوب ورد محفوظى إسرائيل . فقد جعلتك نورا للأمم لتكون خلاصى إلى أقصى الأرض ]
28 : 26 ، 27 [ قائلا اذهب إلى هذا الشعب وقل ستسمعون سمعا ولا تفهمون وستنظرون نظرا ولا تبصرون ، لأن قلب هذا الشعب قد غلظ .... ] .
6 : 10 [غلظ قلب هذا الشعب وثقل أذنيه وأطمس عينيه لئلا يبصر بعينيه ويسمع بأذنيه ويفهم بقلبه ويرجع فيشفى ]
إذن كان إشعياء ينتظر الخلاص مع المنتظرين خلاصا فى إسرائيل ، ولما مات منشورا بالمنشار من أجل الحق مات على رجاء الخلاص . وفى ملء الزمان جاء الخلاص مولودا من القديسة مريم ليخلص إشعياء وكل الذين ماتوا على رجاء .
+ + +
+ السلام لك يا مريم شفاء إرميا :
كان إرميا النبى دائم الحزن والبكاء بسبب خطايا شعبه وانحرافهم عن طريق الله المستقيم كان يقول " أحشائى أحشائى توجعنى ، جدران قلبى يئن فى قلبى . لا أستطيع السكوت لأنك سمعت يا نفسى صوت البوق وهتاف الحرب .. لأنه قد خربت كل الأرض ... هم بنون جاهلون وهم غير فاهمين ، هم حكماء فى عمل الشر ولعمل الصالح ما يفهمون " ( إر 4 : 19 – 22 ) .
وكان يقول أيضا من شدة الحزن " يا ليت رأسى ماء وعينى ينبوع دموع فأبكى نهارا وليلا قتلى بنت شعبى " ( إر 9 : 1 ) ومن كثرة بكائه لقبوه " النبى الباكى " .
وقد تنبأ إرميا النبى عن الحبل العذراوى بالسيد المسيح ووصفه بأنه : " شىء حديث فى الأرض " فقال الرب قد خلق شيئا حديثا فى الأرض أنثى تحيط برجل " ( إر 31 : 22 ) .
كما تنبأ عن ميلاد المسيح فى بيت لحم إفراثة حيث قبر راحيل كما تنبأ عن مذبحة أطفال بيت لحم التى حدثت بسبب ميلاد المسيح بقوله :
" هكذا قال الرب صوت سمع فى الرامة نوح ، بكاء مر راحيل تبكى على أولادها وتأبى أن تتعزى لأنهم ليسوا بموجودين " ( إر 31 : 15 ) .
أخيرا أنهى اليهود حياته برجمه بالجحارة فى مصر كما يروى التاريخ الكنسى ، وذلك ليتخلصوا من كلماته النارية وتوبيخاته الشديدة على انحرافهم وشرهم .
جاء ربنا يسوع المسيح فى ملء الزمان مولودا من العذراء مريم ، وبعد أن صنع الخلاص العظيم على الصليب نزل إلى الجحيم ونقل الصديقين إلى الفردوس ومن جملتهم إرميا هذا ، بعد أن شفاه من حزنه ومسح كل دمعة من عينيه حتى يعيش فى المكان الذى هرب منه البكاء والحزن والتنهد فى نور القديسين .
+ + +
+ السلام لك يا مريم علم حزقيال :
كان حزقيال النبى من بنى السبى وقد أعطاه الله علما وحكمة لكى يعلم بنى إسرائيل الذين فى السبى أن يرجعوا إلى الرب إلههم حتى يتحنن عليهم ويرجعهم إلى أورشليم ، وقد رسم لهم عن طريق رؤيا إلهية رسم الهيكل الجديد ليبنوه عند رجوعهم من السبى ، ويقول فى ذلك :
" ..... وإذا برجل منظره كمنظر النحاس وبيده خيط كتان وقصبة القياس وهو واقف بالباب فقال لى الرجل يا لبن آدم انظر بعينيك واسمع بأذنيك وأجعل قلبك إلى كل ما أريكه لأنه لأجل أرائك أتى بى إلى هنا " ( حز 40 : 3 – 4 ) وهكذا عرفه صورة البيت ورسمه ومخارجه ومداخله وكل أشكاله ، وكل فرائضه وكل شرائعه وأمره أن يعرفهم كل هذا ويكتبه أمامهم ليعلموا به .
وقد استغرق هذا الوصف حوالى خمسة اصحاحات من سفره ( 40 – 44 ) فلو لم يكن حزقيال ذا علم وخبرة وعقل واع لما استطاع أن يستوعب كل ما رآه وسمعه فى الرؤيا .
تنبأ حزقيال نبوة واضحة عن سر تجسد ربنا يسوع المسيح فى بطن العذراء مريم . بطريقة معجزية ثم ميلاده منها بطريقة أكثر اعجازا إذ دخل وخرج وبتوليتها مختومة ، وقد شبه ذلك بباب مغلق دخل وخرج منه الرئيس وهو مغلق فيقول : " ثم أرجعنى إلى طريق باب المقدس الخارجى المتجه للمشرق وهو مغلق . فقال لى الرب هذا الباب يكون مغلقا لا يفتح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقا . الرئيس الرئيس هو يجلس فيه ليأكل خبزا أمام الرب " ( حز 44 : 1 – 3 ) .
وبعد أن ظل 22 سنة يتنبأ ويعلم كلمة الله لبنى السبى ويحضهم على التمسك بالشريعة الإلهية تضايق منه بنو عشيرته فوثبوا عليه وقتلوه ودفنوه هناك فى بابل كما يخبرنا سنكسار 25 برمودة .
+ + +
+ السلام لك يا مريم نعمة دانيال :
كان دانيال شابا يافعا سبى إلى بابل وهناك أعطاه الله نعمة لدى ملك بابل بسبب أمانته وطهارته لأنه وضع فى قلبه أنه لا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه ، فطلب من رئيس الخصيان أن لا يتنجس ( دا 1 : 8 ) .. وأعطى الله دانيا نعمة ورحمة عند رئيس الخصيان ( دا 1 : 9 ) وقد عين فى خدمة الملك وترقى حتى أصبح فى باب الملك ( دا 2 : 9 ) أى فى رتبة رئيس وزراء ، وقد أعطاه الله روح النبوة وتفسير الأحلام ، فقد قال للملك نفس تعبير الرؤيا التى رآها الملك فى مخدعه ثم فسرها له ، وكانت هذه الرؤيا نبوة واضحة عن ربنا يسوع المسيح :
" الحجر الذى قطع بغير يدين ثم صار جبلا كبيرا حتى ملأ الأرض كلها " ( دا 2 : 31 – 45 ) .
ربنا يسوع المسيح ولد من العذراء بغير زرع بشر تماما مثل حجر يقطع من جبل بدون يد إنسان وقد صار اسم الرب يسوع معروفا فى كل مكان وعلى كل لسان وفى كل قلب ، وصدقت عليه نبوة دانيال أنه ملأ الأرض كلها .
" حينئذ خر نبوخذ نصر على وجهه وسجد لدانيال ... وقال حقا أن إلههكم إله الآلهة ورب الملوك وكاشف الأسرار إذ استطعت كشف هذا السر . حينئذ عظم الملك دانيال وأعطاه عطايا كثيرة وسلطة على كل ولاية بابل وجعله رئيس الشحن ( الولاة ) على جميع حكماء بابل " ( دا 2 : 46 – 48 ) .
وتفسر ثيئوتوكية الثلاثاء رؤيا دانيال هكذا ( لأن هذا هو الحجر الذى رآه دانيال قد قطع من جبل ، ولم تلمسه يد إنسان البتة ، هو الكلمة الذى من الآب ، أتى وتجسد من العذراء بغير زرع بشر حتى خلصنا ( القطعة الخامسة ) .
+ + +
+ السلام لك يا مريم قوة إيليا :
كان إيليا النبى قويا فى خدمته غيورا فى رسالته حتى سمى بـ " النبى النارى " لأنه أنزل النار من السماء عدة مرات ، مرة لتأكل الذبيحة التى قدمها لله ، ومرتين لتأكل الجنود الذين أرسلهم أخزيا ملك السامرة لإحضاره من الجبل .
كانت قوة إيليا ترجع إلى عدة أسباب منها :
1 – وجوده الدائم فى حضرة الرب . فقد كان مسكنه فى الجبل حيث الخلوة والجو المهيأ للصلاة والأتحاد بالله .
2 – بتوليته التى أعطته القوة والدالة أمام الله ، وأعطته الوقت الكافى للعبادة والخدمة ، فنجح فى عبادته وفى خدمته .
3 – نسكه وزهده : فلم تكت له مطالب ولا رغبات من الملوك ، فلم يتملقهم ولم يداهنهم ، بل كان يقطع بكلمة الحق باستقامة غير خائف من شىء .
لقد اشتركت العذراء القديسة مريم مع إيليا النبى فى هذه الفضائل العالية حتى أصبحت ذات قامة روحية عالية أهلتها بأن يختارها الله لتكون أما لأبن الله المتجسد لأجل جنس البشر .
1 - لقد كانت دائمة الوجود فى حضرة الله ، سواء كانت فى الهيكل أو فى بيت يوسف النجار ، وأيقونات البشارة دائما تصور العذراء مريم قائمة تصلى حين ظهر لها جبرائيل الملاك وأعطاها السلام وبشرها بحبل وميلاد المخلص منها .
2 – العذراء مريم الدائمة البتولية بعيدا عن الأنشغالات الكثيرة وجدت الوقت لتكرس حياتها كلها لله دون مانع أو عائق لقد توفرت لها اللياقة والمثابرة للرب بدون ارتباك ( 1كو 7 : 35 ) .
3 – كانت العذاء مريم فقيرة ، وكانت فى فقرها شاكرة الرب .
إيليا عند صعوده إلى السماء حيا صعد فى مركبة نارية ، والعذراء مريم هى المركبة الشاروبيمية التى سكن فيها العلى ، ويقول الربع الأول من القطعة الرومية الثالثة التى تقرأ فى عشية شهر كيهك المبارك : " أنت هى مركبة الله يا مريم وميلادك لا يفسر يا جوهرة عفيفة وفتاة متنفسة بالله " .
+ + +
+ السلام لك يا مريم نعمة أليشع :
لقد أعطى الله أليشع النبى نعمة فى عين كل الشعب حتى أصبح محبوبا جدا لديهم ، وكانوا يدعونه رجل الله كما أعطاه نعمة لدى ملوك إسرائيل فكانوا يحترمونه ويدعونه : " يا أبى " ( 2 مل 6 : 21 ) .
أعطى الله أليشع نعمة عمل المعجزات بغزارة فأقام الموتى وشفى المرضى وأصلح المياة وأفسد طبع السم القاتل وغير ذلك من المعجزات الخارقة ، وقد حباه الله بهذه النعم لسيرته الصالحة فقد كان :
1 – رجل صلاة .
2 – اختاره الله بنفسه ليخلف إيليا فى نعمة النبوة .
3 – بتولا : وبتوليته أعطته القوة الروحية وفرصة الوقت للعبادة والجهاد .
اشتركت القديسة مريم مع أليشع النبى فى كل هذه الفضائل العالية والصفات النبيلة . فقد كانت إمرأة صلاة من الطراز الأول ، تعرف كيف تكلم الله وتسمع كلامه وتعيش دائما فى حضرته .
كانت بتولا طاهرة تهتم فيما لله كيف ترضى الله ، فقبل الله ذبيحة صلواتها وبتوليتها . مثل رائحة طيبة وأختارها لتكون أما لإبنه المتجسد لأجل خلاص العالم .
فى حياة أليشع حادثة يمكن أن تكون نبوة عن الخلاص المزمع أن يتم على خشبة الصليب المقدسة ، فقد ذهب أليشع مرة مع بنى الأنبياء إلى شاطىء نهر الأردن ليقطعوا خشبا من الأشجار النامية على حافة النهر ، وبينما أحدهم يقطع خشبة سقط الفأس من يده فى الماء :
" فصرخ وقال آه يا سيدى لأنه عارية ( أى مستعارة ) فقال رجل الله أين سقط فأراه الموضع فقطع عودا وألقاه هناك فطفأ الحديد ، فقال أرفعه لنفسك فمد يده وأخذه " ( 2 مل 6 : 1 – 7 ) .
الحديد الثقيل هنا يشير إلى الخطية التى أثقلت كاهلنا وثقلت حياتنا فغاصت بنا فى بحر لا قرار له ، وأما المياة فتشير إلى العالم الذى غرقنا فى مشاكله واهتماماته ومغرياته ، أما العود الذى ألقاه النبى فى الماء فيشير إلى شخص الرب يسوع ( العود الرطب ) لو 23 : 31 ... الذى ألقى على صفحة الماء أعنى جاء إلى عالمنا فى مهمة مقدسة ليجد المفقود ويرد الضائع ، والعود فى خفته يشير إلى طبيعة يسوع المقدسة الخالية من الخطية ، وكما استطاع العود أن يجذب الحديد الضائع من تحت سطح الماء ، هكذا يستطيع الرب يسوع أن يجذب غليه الخطاة المثقلين بالخطايا والذنوب الغائصين فى بحر الأهتمامات والأنشغالات وذلك بقوة عمل صليبه المحيى حسب قوله ألإلهى :
" وأنا ان ارتفعت عن الأرض ( أى على الصليب ) أجذب إلى الجميع " ( يو 12 : 32 ) .
إذن رأى أليشع من بعيد ربنا يسوع المسيح المولود من العذراء مريم ، رآه صانعا الخلاص بدم صليبه جاذبا الناس المثقلين بالخطايا الغائصين فى بحر العالم الشرير إلى حياة القداسة وارتفاع السيرة ، فصنع هذه المعجزة تذكارا ورمزا لهذه الرؤيا المباركة .
نتيجة نهائية
مما تقدم نستطيع أن نقول أن كل واحد من أولئك الآباء والأنبياء كان يمثل جانبا معينا أو فضيلة معينة من جوانب وفضائل القديسة الطاهرة مريم ذات الشخصية العجيبة متعددة الجوانب والفضائل . فمثلا ابراهيم كان يمثل ايمانها وتسليمها ، وصموئيل يمثل اختيارها منذ صغرها للمهمة العظمى التى قامت بها ، وايوب يمثل صبرها واحتمالها للشدائد والمتاعب ، وإيليا يمثل روحانيتها ونسكها واتحادها بالله وموسى يمثل حلمها ووداعتها .....وهكذا .
لقد صدق أحد الآباء الذى كتب فى الطرح الكيهكى على مجمع القديسين مناجيا العذراء مريم قائلا " السلام لك أيتها العذراء التى أكملت كل الفضائل ، السلام لك أيتها العذراء المكملة بكل محاسن الشريعة . السلام لك أيتها العذراء التى لا يقدر لسان بشرى أن يصف علو فضائلك لأن جميع الفضائل المتفرقة فى القديسين قد تجمعت فيك .. وصار الخلاص موجودا بك ...
نطلب من تحننك أن تذكرينا عند ابنك الحبيب لكى يرحمنا ويغفر لنا خطايانا ويتجاوز عن آثامنا لكى نباركه مدة أيام حياتنا وإلى الأبد آمين .