أرجو أن تحدثني عن الفضول أو التطفل ، لأنني مصاب به ، وأريد أن أتركه ، واحب أن اعرف أبعاده وأخطاءه .
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
التطفل ، أو حب الاستطلاع ، هو محبة معرفة أسرار غيرك وخصوصياته ، سواء عن طريق القراءة ، أو السمع ، أو الكلام ، بطريق مباشر أو غير مباشر .
والتطفل أمر خاطئ سواء من الناحية الروحية أو الاجتماعية .
والمفروض في الناس أن يحترموا خصوصيات الآخرين وأسرارهم حتى في محيط العائلة . فليس من حق الأب أو الأم أن يفتح خطابات الابن مثلاً . وليس من حق الزوج أو الزوجة أن يعبث في جيوب أو أدراج أو أوراق الطرف الآخر . ليس من حق أحد أن يتسمع حديثاً " ليس له أن يسمعه ، فهذا نسميه زنا الآذان . وليس من حقه أن يري خفية ما لا يجوز له رؤيته . فكل هذا لون من التجسس علي الآخرين لا يليق بشخص روحي …
علي أن التطفل قد يكون علناً ، وليس بالتجسس .
مثال ذلك إنسان يرهق غيره بالأسئلة حول أمر خاص به ، قد لا يريد أن يتحدث عنه! ولكنه يتابعه بالأسئلة ، وربما عن تفاصيل ن لكي يعرف منه كل شئ…
وقد يعتزر المتطفل المتطفل بالدالة ، أو بالرغبة في الاطمئنان .
ولكن الدالة لها حدود لا تتعداها . كذلك الرغبة في الاطمئنان لها أيضاً حدود ومعرفة الأخبار لا تأتي بالقسر و الضغط . وهناك فرق كبير بين شخص لها أيضاً حدود ومعرفة الأخبار لا تأتي بالقسر و الضغط . وهناك فرق كبير بين شخص يريد أن يطمئن ، وشخص يريد أن يعرف ، وان يعرف كل شئ …! لذلك نصيحتي لك أن تسأل ، فإن وجدت ممن تسأله عدم رغبة في الإجابة ، أو عدم رغبة في الاستفاضة . و الدخول في دقائق الموضوع ، لا تلح عليه بكثرة الأسئلة .
لأن من صفات الفضولي أو المتطفل انه لحوح …
وغالباً يحاول أصدقاؤه ومعارفه أن يهربوا منه ومن أسئلته الكثيرة وحب استطلاعه . وقد يغضب من هذا ويعاتب ، وهم في خجل من مكاشفته بتطفله . وبعدم رغبتهم في الإجابة .
أحرج المواقف ، هي ان يلتقي المتطفل بالخجول .
و الخجول لا يستطيع أن يصده ، وقد يستطيع أن يغير مجري الحديث ليهرب من الأسئلة المتطفلة ، وهكذا يخرج ! و المتطفل يري هذا الحرج ، ولكنه لا يبالي ، لأنه يريد أن يعرف الأخبار ، بل ويريد ان يعرف أسباب هذا الحرج !
و المتطفل قد لا يكفي بمعرفة أسرار الشخص الذي أماه فقط ، وإنما قد يرغمه علي كشف أسرار غيره !
إنه لا يسأله عن نفسه فقط ، وغنما عن الآخرين … ماذا قلت لهم ، وماذا قالوا ؟ وماذا فعلوا ؟ وما شعورهم في الموقف الفلاني ، وما تصرفهم ، وما رأيهم ؟ وما علاقتهم بك ؟ وماذا عن عائلتهم واصدقائهم وباقي خصوصياتهم ؟! … بل قد يدخل في الاعترافات أيضاً بطريقة محرجة …
والإنسان المتطفل ، تري حواسه دائماً غير هادئة …
نظراته غير مستقرة ، وغير محتشمة وغير أمينة ، وقد تكون مكشوفة يلاحظها غيره …. وكذلك مسامعه … وقدماه غير مستقرتين ، يجول هنا وهناك ، ويسأل ، أو يتسمع ، أو يحشر نفسه بطرية غير لائقة وسط أحاديث لم يدع لها .
وقد يتدخل في علاقات ، ليس من حقه أن يعرفها .
ربما علاقات عائلية في منتهي السرية ، ربما علاقات بين زوج زوجته ، أو بين صديقين أو صديقتين ، أو أسرار خاصة بالعمل لا يجوز إفشاؤها … وقد لا يفيد من هذا كله شيئاً . وقد لا يستطيع الاحتفاظ بسرية ما يسمع … أما من جهتك أنت في التطفل ، فنصحتي لك هي :
تعود ان تحترم خصوصيات غيرك . وان تقتنع بأن لكل إنسان أسراره الخاصة التي لا يجب ان يقولها حتي لأعز أصدقائه . كما أنك أيضاً لك أسرارك
اسأل نفسك باستمرار : ما شأني بهذا المر ؟ ما هو حقي للتدخل فيه ؟ قل هذا لنفسك بدلاً من أن يتجرأ غيرك فيقوله لك ويحرجك .
ضع حدوداً للدالة في علاقاتك بالآخرين .
أن سألت أحداً عن شئ خاص به او بغيره ، ووجدته غير مستعد للإجابة ، أو في أجاباته تهرب أو محاولة لغلق الموضوع ، فلا تلح عليه .
لا تحاول ان تقرأ خطابات غيرك ، أو تعبث في كتبه أو أوراقه . وأن وقع في يدك شئ من هذا ، فكن محتشماً ، ولا تحاول أن تطلع أن تطلع علي ما ليس من حقك .
كن عفيف النظر ، عفيف السمع ، عفيف اليد.
احرص علي معارفك وأصدقائك ، حتى لا تفقدهم بالتطفل .