كأس الخلاص
فأجاب السيد بوجه باش: "ليكن لك ما تريد يا جاورجيوس". ثم أمسك كأسا بيده اليمنى قائلا: "خذ هذه الكأس وأعطه ليحتسيها كلها، فهذه هي كأس محبتي، التي سبق لكل القديسين أن شربوا منها، والتي قد اضحت في هذه الحياة الخداعة، كأسا مملوءة قلقا ومرارات وتنهدات وأمراضا ومصائب، وهي تفضي في النهاية الى استشهاد الجسد وموته من اجل تنقية النفس وخلاصها، ومن أجل أن يفرح أبديا معي ومع الآب والروح القدس، ذاك الذي يتجرعها كلها حتى الثمالة".
تناول القديس جاورجيوس الكأس من يد السيد، والشكر والبهجة يعلوان وجهه. كانت الكأس ملأى من النبيذ الأحمر الذي باركه السيد. فأعطاها القديس للأخ إواصاف الذي شربها كلها بشوق كبير بعد أن رسم إشارة الصليب.
فكان الشراب في حلقه شديد الحلاوة لذيذ المذاق، مما جعل شعلة العشق الإلهي تلتهب في داخله فورا، فلم يستطع أن يمسك نفسه، بل اندفع داخل تلك الكنيسة، واختطف قدمي السيد محتضنا إياهما وهو يغمرهما بقبلاته الملتهبة حبا وفرحا. لم يكن ليطق أن يترك ذلك المكان او أن يبتعد عن الملك.
حينئذ سمع صوتا يقول: "يا جاورجيوس، خذ الاخ إواصاف ليذهب ويجاهد بغية اقتناء محبتي الأولى التي قد فقدها بسبب اهماله. وعندما يستعد جيدا، وفي الوقت المناسب، سيكون اهلا لشرب الكأس التي قد شربتها أنا".