لذا كل الذين يؤثرون خلاص نفوسهم، وبالأخص أولئك الذين، لأجل محبة المسيح، تركوا العالم وخيراته الآنية، واعتنقوا حياة الرهبنة المثالية، عليهم أن يقرنوا الصلاة بذكر الموت. يجب أن لا تغيب صلاة يسوع عن شفاههم بل أن تكون متحدة بنفسِهم. كما عليهم أيضا أن يدعو اسم السيدة والدة الإله مع جميع القديسين ليل نهار، لكي يتوسطوا في خلاص نفوسهم، لأن "وسائل الأم تستطيع كثيرا ان تستعطف السيد." و "طلبة الصدّيق تقتدر كثيرا في فعلها".
لما انتهى القديس جاورجيوس من مقولته هذه، دعا الراهب إواصاف لمتابعة طريقهما. وفيما هما متوجهان نحو الشرق، ظهر أمامهما في المدى البعيد مبنى ضخم. كان قصرا فخما جدا تحيط به أسوار ذهبية عالية، تتوهج مضيئة بنورها ذلك السهل كله.
ذهل الأخ إواصاف من جمال ذلك النور وحلاوته وسأل مرشده: " يا قديس الله جاورجيوس، ما هو هذا القصر البادي أمامنا؟ " فأجابه القديس بأنه " قصر للملك الأوحد" وبأنهما سيصلان إلى هناك بعد قليل.
لما قربا من مدخل القصر، استقبلهما رجال نيّرون ذوي طلعة ملائكية، فحيّوهما مقبّلين إياهما في المسيح. ثم قادوهما عبر قاعة تشعشع من وفرة الحجارة الكريمة والذهب. كانت الدرر والألماس ينثرون نورا حلوا جميلا. في الجهة اليمنى من القاعة علقت أيقونة للسيد المسيح، وفي الجهة الشمالية عُلقت أيقونة أخرى للسيدة والدة الإله وهي جالسة على العرش. وفي تلك القاعة عينها اجتمع عدد غفير في ثيابهم الرهبانية، يرفلون بمجد لا يوصف ويلتحفون بنور باهر، يحملون في أيديهم صلبانا مع أغصان يضوع منها شذا ذكي يسكر من يتنشقه.