الجسر المعلق فوق الهوة
وبعدما قطعا مسافة لا بأس بها، وصلا الى الجهة المقابلة حيت تكثر المنحدرات الوعرة، ويهيمن خوف صادر عن وجود هوة سوداء عميقة مترامية الأطراف، وكأني بها محيط كثيف الظلمة لا حدود له.
في الأفق البعيد، ما وراء هذه الهوة، ظهر جبل عال يكاد رأسه يطال السماء. وفوق الهوة تعلق جسر مرعب، كان عبارة عن خشبة واحدة مستديرة لا يتعدى عرضها الشبر. طرف الجسر الواحد ثبت هناك حيث ينتهي الطريق الضيق، أما طرفه الآخر فقد ربض عن قدمي ذاك الجبل المرتفع. ولما كان الهواء ينفخ كان الجسر يتحرك وكأنه ورقة شجر تعبث بها الريح.
استحوذ الرعب على الأخ اواصاف عندما علم بوجوب اجتياز ذاك الجسر لبلوغ الجبل. لاحظ قائده ذلك وعرف أن خوفه ناتج عن اهماله الصلاة فقال له مجددا: "أعطني يدك يا أخي، وردد الصلاة بلا انقطاع، دون أن تفكر بأي شيء آخر".
وهكذا سار الأخ إواصاف دونما وجل فوق الجسر. وما إن وصلا الى منتصفه حتى بادره مرافقه بالقول: "هنا عليك أن ترسم إشارة الصليب، وأن تدعو اسم والدة الاله الممتلئة نعمة، إذ إن لاسمها في هذا المكان قوة عظمى".