3. البشارة لمريم اعلان لثقافة السلام
السلام هو ثمرة بركة الله، ولذلك هو باعث الفرح والابتهاج. ان تحية الملاك لمريم " بالسلام عليك" تعني في مفهومها اللفظي الآرامي: " افرحي يا مريم، تهللي، ابتهجي"، لانك نلت " حظوة" عند الله و"بركة منه" اذ ملأك نعمة ودعاك لتكوني ام ابنه مخلص العالم الذي سيأخذ جسداً بشرياً منك. ولهذا انت " مباركة بين النساء". ولان السلام عطية الهية عظيمة مقدَّمة لكل الناس، فانه يقتضي طاعة لتصميم الله. هذا ما فعلته مريم عندما اجابت: " انا أمة الرب، فليكن لي حسب قولك".
أمر الرب الاله ان يصلي الكاهن على الشعب هكذا: " يباركك الرب ويحفظك، يضىء الرب بوجهه عليك ويرحمك، يوجّه الرب نظره نحوك ويمنحك السلام" (العدد6/24-26). السلام هو مجموعة الخيرات الالهية: البركة والعناية والرحمة والرضى والاختيار والدعوة. هذه الخيرات افيضت على مريم، فباتت الكنيسة تهتف اليها بلقب " يا سلطانة السلام".
ان ثقافة السلام تقتضي التماس الخيرات السماوية وادراكها والشهادة لها بين الناس، بتقاسمها وتجسيدها في الاعمال والمواقف والمسلك. هذه الثقافة تنطلق من حق كل انسان وشعب ان ينعم بالسلام الذي لا يعني فقط انعدام الحرب، بل هو اعطاء كل انسان حقوقه الاساسية ولاسيما منها حقه في النمو وتحقيق الذات، وخروجه من حالة الفقر والجهل والحرمان. السلام الحقيقي والدائم هو ثمرة العدالة والمحبة والانماء والترقي. عنه قال المسيح: " سلامي اعطيكم، لا كما يعطيه العالم اعطيكم انا" ( يو14/27)؟
ما اجمل ان يكون الانسان لاخيه ولشعبه "بشارة سلام" يحمل اليهم خيور السلام الآتي من الله!