الراهب والكاهن
كبر فرناند واصبح شاباً وسيماً وكبرت أيضاً في عيلته، المخاوف على مستقبله، لرفضه القبول بمهنة دنيوية مجاراة لها. لن يعمّر فرناند طويلاً.
وهل كان له سابق شعور بذلك؟ انه، عكس سميّه مار أنطونيوس، الناسك، أبي الرهبان الذي توفي عن مائة عام ونيف، لن يُعطى سوى 36 سنة. كان متوقّد الذكاء وذا طبع لجوج. ففي الخامسة عشرة من عمره، بعد أن فكّر ملياً واستنار بالصلاة غادربيته الفخم، وعيلته المصعوقة بذهابه.
وطلب الدخول في دير القديس منصور، قرب ليشبونة، حيث كان كهنة مار اغسطينوس القانونيّون، وان قديسنا سيحفظ لهؤلاء الرهبان مودة رقيقة، طوال حياته، لأنه مدين لهم بعلومه التي رفعته إلى مستوى الاكليريكيين الأكثر ثقافة في أوروبا، في مطلع الجيل الثالث عشر. غير أن العالم، الذي هجره القديس فجأة، عاود الكرة وأخذ يحوم حول الدير.
فالأول والأصدقاء يهاجمونه لالهائه عن مقصده وإيقاعه في التجربة. فقد أصبحت حياته هنا صعبة جداً، مما عكّر صفو نفسه واجتزأ الكثير من ساعات درسه. فلا بدّ له من التوقف فوراً.
وها هو شابّنا فرناند، بالاتفاق مع رؤسائه، يغادر ليشبونة قاصداً كوامبر عاصمة البرتغال آنذاك، ليقيم في دير آخر من أديرة رهبنته. وانه الآن في هدوء هنا، ولا يزعجه شيء، وليستفيد لمضاعفة دروسه. سيسام كاهناً في الخامسة والعشرين من عمره.
القديس فرنسيس ورفاقه الأولون (أ. أوبي - كاتدرائية بادو)