فى عام 1968 التحقت بالقوات المسلحة وقد تم تجنيدى كضابط احتياط أثناء حرب الاستنزاف، وجميعنا يعلم مدى صعوبة تلك الأيام، ففى كل أجازة كنت أتمنى أن تكون هى آخر أجازة لى، وكنت أذهب إلى القديس الأنبا مكاريوس فكان دائماً يقول لى: "الست العذرا معك ولا تخف" وكنت أرجع إلى الجبهة وأنا مطمئن .. ولكن نظراً لضراوة الحرب فى تلك الفترة وكثرة الهجمات الجوية كنت أنسى كلمات القديس وكان قلبى يضطرب كثيراً .. وفى إحدى الأجازات ذهبت إلى القديس وأنا منزعج جداً وأعلمته بمدى تعبى وطلبت منه أن يصلى لى لكى يريحنى الرب، أما هو فبكل بساطة قال لى: "إذهب يا أخى وهم سوف يحضرونك عندنا قريباً!" وكان معى فى تلك الزيارة أخى المتنيح (...) فبعد أن انصرفنا من حضرة القديس قلت لأخى: "ألا يعلم سيدنا بتنظيم الجيش؟!! فالسلاح الذى أعمل به لا يوجد له فرع فى الصعيد إطلاقاً "، وبعد عودتى إلى الجبهة، فوجئت بإشارة تليفونية نصها كالآتى: "ينقل الضابط (...) إلى الوحدة الجديدة الجارى انشاؤها بالأقصر!!!" وإذا علمنا أنه كان شبه مستحيل أن يُنقل أى عسكرى من الجبهة إلى الداخل فكم تكون صعوبة نقل مهندس ضابط أثناء الحرب .. وكيف علم القديس بأمر الوحدة الجديدة الجارى انشاؤها فى الصعيد. ثم استدعانى قائد الوحدة مستجوباً: "هل ذهبت إلى القيادة فى القاهرة أثناء إجازتى؟ وماذا فعلت هناك؟" فأجبته بأننى فى كل أجازاتى أنزل إلى قنا مباشرة لأنه ليس لى أحد بالقاهرة. فأعلمنى أنه من المستحيل أن يوافق على نقلى فقلت له: "اللى تشوفه يا فندم".
والأعجب من ذلك أنه بعد يومين وصلت إشارة أخرى وهى استجواب لقائد الوحدة هذا نصها: "هل الضابط (...) لا يزال طرفكم .. لا بد من تنفيذ أمر النقل فوراً .. "ثم استدعانى القائد مرة أخرى وأمرنى بتسليم العهدة والنزول فوراً إلى القاهرة ومنها إلى الأقصر حيث القاعدة الجديدة .. أما أنا فكنت فى غاية السعادة وأعتقد أنه كانت تصدر تعليمات من القديس الأنبا مكاريوس بسرعة تنفيذ النقل