فرنسيس رسول في الشرق
انضمّ فرسان آخرون إلى الأولين. فشاء فرنسيس أن يسيروا وفق روح القانون المقدس، وأن يخدموا ربّهم بالفقر والتواضع والعفة. وإن نزع أحدهم إلى الفتور والتواني، استدعاه فرنسيس وقال له: "انطلق إلى بيتك، يا أخا الذئاب. فما أنت إلا زنبور يتناول عسل النحل".
وكان يوصي إخوته قائلاً: "على جميع الذين بعثهم الرب للعمل، أن يخلصوا في عملهم، متنصلين من البطالة، عدوة النفس، ومحافظين على روح الصلاة المقدسة، التي لها الصدارة في هذه الدنيا".
مرّت الأيام، والرهبانية تنضج شيئاً فشيئاً. فهّم فرنسيس بالأَخذ في السفر إلى الشرق، متعطشاً إلى النفوس وبذل الذات. فلم تثنه المشقّات الجمّة عن الحلول بمصر، حيث مثل بين يدي السلطان الملك الكامل.
ثم برح مصر إلى الأرض المقدسة، للصلاة والتأمل، في الأماكن التي باركها المسيح. فعاد متأثراً من منظر طفل بيت لحم، ومصلوب الجلجلة. وبعد أخذ قسط من الراحة في الوطن، رجع إلى حياته الرسولية، حتى وصل فرنسا واسبانيا، باذراً أينما حلّ كنوز كلامه وفضيلته.
أما زيارته لبلاد المسيح، فإنها لم تذهب عبثاً. فأبناؤه سيكونون حراساً لأماكنها المقدسة، وسيحافظون عليها بإيمان وبأس.