فرنسيس يمر بالجموع
مرّ فرنسيس ذات يوم بإحدى المدن، فخرجت الجموع لملاقاته، وأغصان الزيتون بأيدي بعضهم، وجعلوا يهتفون: "هوذا القديس! ها هو القديس!". ومن شدّة احترامهم له، وشوقهم إلى رؤيته، لم يخشوا أن يزاحموه.
كان ذلك شبه تمثيل لما جاء في الانجيل المقدس، فعلى آثار يسوع،كان فرنسيس يمرّ بالقرى والمدن، يعمل الخير، ويعظ بحب الله والإخوة، والتقوى والتواضع، والزهد في المال، وبذله تكفيراً للخطايا.
أما أهل ذلك الزمان، فلم تكن طباعهم أفضل من طباعنا، إنما كانوا يمتازون بشيئ من الفطرية. فكان فرنسيس يجتذبهم بانشاد نشيد حمد وتسبيح، ثم يخطب فيهم. فمنهم من كانوا يهتزون لكلامه، ويبادرون إلى الالتحاق به.
وكان ذلك العهد عهداً، حاول فيه الشعر الريفي أن يجمع، في شبه ديمقراطية مثالية، بين الفقير والغني، وبين التابع والسيّد. فقام فرنسيس، وتناول الأمر بطريقة مسيحية. وأنشأ أسرة رهبانية هي "أسرة أخوّة"، يتساوى فيها الفقراء والأغنياء، والفرسان وأبناء الشعب، والمتعلمون والجهّال، وفيها يكون الرئيس خادماً للناس أجمعين.
وإذا بالجموع تنطلق من ضجيج الأسلحة ودخان الحرائق، وتتطلع إلى الفجر الجديد الذي أخذ يلوح في الآفاق"، تقتادهم جاذبية غريبة، ويقصدون إلى فرنسيس، وكلهم رغبة في التحدث إليه واسترشاده وسماعه.