راوية الله / شاعر المخلوقات
اورثت فرنسيس أمّه ميلاً كبيراً إلى الشعر والغناء. ففي السنوات الاولى من شبابه، كان دأبه دأب الرواة القادمين من فرنسا، ينشدون فرح الحب وجمال الكون.
أما الآن، فقد تفوّق عليهم جميعاً، إذ صار على جانب كبير من الإبداع في بسط رؤية وافية لله والمخلوقات. فكانت نفسه تحنّ بخالص الحب إلى ما في الطبيعة من صفاء وسمّو، وإيمانه الحي كان يبرز الأشياء في بهاء، تسطع منه قدرة الله وصلاحه.
وفي هذا الضوؤ، لم يكن" قانون إيمانه" ليقتصر، شأن غيره، على عرض جاف للعقائد والوصايا، بل كان يخفق فرحاً، وينبعث حمداً روحياً.
لقد كانت الطبيعة تتجلى لبصر فرنسيس بكل ما أوتيت من عظمة وجمال، ومن نقاوة عذبة، وخير علوّي. فأصبح، هو شاعر الطبيعة، وملك المخلوقات، يتغّنى بتسابيح الخالق، باسم ما صنعت يداه.
وهذا ما جعل، من الريح والنار والقمر والأرض والموت، أخوة له وأخوات. وهذا ما جعل الطير تذعن إلى أوامره، والذئاب المفترسة تقيه وجماعته شرّها واذاها.
فبفضل فرنسيس، "قدوة تابعي المسيح"، أخذ يتّسرب في الموسيقى المسيحية نشيد جديد، نقي صاف، لا يفي وصف به.