صوت من السماء
ما كاد فرنسيس يتعافى، حتى عاد إلى ما كان عليه قبلاً من رغد العيش، وانطلق يحلم بأن يصبح فارساً متفوقاً. وقد حثّته هذه الحمّية على أن يقصد إلى بوليه البعيدة.
فأخذ في الطريق مع فرسان أشراف، جعلوا يستخفون به ويقولون: " من هذا؟ إنه ليس من الأشراف، إنما هو ابن تاجر، يحطّ من منزلتنا!".
أما فارسنا، فما برح أن أطلعهم على ما يعانيه من الألم، فاضطرّ إلى الاعراض عن مواصلة السير، وبات ليلة يتلوّى من الحمى. وحينذاك سمع صوت الرب يقول له:
"لِمَ هذا التهالك على خدمة أناس، والرفق بقوم قلّما يجزيك؟ أليس الأجدر بك أن تخدم وتكّرم إلهاً وربّاً يجزيك جزاء لا حد له؟".
فسأل فرنسيس: "وماذا ينبغي لي أن أصنع؟" فأجابه الرب: "ارجع إلى أسيزي، وهناك يقال لك ماذا ينبغي لك أن تصنع".
طلع الفجر، فقام فرنسيس، وقفل راجعاً إلى أسيزي، حيث عاد وسمع صوتاً يقول له في وسط صمت الليل: "يا فرنسيس، تعال اتبعني!".
فتلقّى فرنسيس هذه الدعوة الملّحة برضى لا رجوع عنه، وعزم على أن يتبع الرب، وأن يقف كل شيئ عليه، من غير شرط أو قيد.