بوادر المرض
جاء الصوم الكبير لسنة 1896، وكان الصوم آنئذ صارما في الاديرة. والتزمت به تريزة بالرغم من تداعي صحتها. وواصلت السير نحو الفصح بخطى جبارة وهي ترغم نفسها على تنفيذ كل الالتزامات بدقة وأمانة. وكان خميس الأسرار، فسهرت تريزة طويلاً في المعبد الى نحو منتصف الليل. ولما عادت الى غرفتها الباردة وأوت الى فراشها الوضيع الخشن اذا بسيل ساخن يتدفق من حنجرتها ويملأ فمها. وإذ كانت قد أطفأت قنديلها، مسحت فمها في الظلام وانتظرت حتى الصباح فوجدت ان المنديل مملوء دما. ورأت في ذلك نعمة كبيرة ونداء واضحا الى الالتحاق بعريسها قريبا.
وحضرت الصلاة مع اخواتها الراهبات كالمعتاد، وطلبت الى الرئيسة السماح لها بعد ان اطلعتها على هذا الحادث بأن تستمر في الصوم والممارسات الاخرى. وبعد الظهر رأتها احدى المبتدئات وهي تنظف النوافذ وقد شحب لونها وبدت خائرة القوى، فذرفت المبتدئة دموعاً غزيرة وناشدتها ان تسمح لها بأن تطلب شيئا من الراحة. الا ان معلمتها منعتها من ذلك وقالت ان باستطاعتها ان تتحمل تعبا خفيفا في اليوم الذي فيه تألم يسوع كثيراً لأجلها. وجدير بالملاحظة ان اخواتها لم يعلمن بما جرى لها الا في ايار سنة 1897.