في 2 تشرين الأول سنة 1882، دخلت اختها بولين دير الكرمليات في ليزيو. وقد شق على تريزة الصغيرة ان تفارق "امها" بولين. وكم تمنت ان ترافقها الى الدير، ولكن صغر سنها لم يُمكّنها من ذلك.
فباتت تتألم صامتة، واعتراها صداع اليم لازمها مدة طويلة، وأخذت صحتها تزداد سوءا، حتى اضطرت الى ملازمة الفراش . ولنترك هنا لها الحديث لتروي لنا ما جرى لها في هذا المرض.
فقد كتبت: "اذ رأيتُني محرومة من كل الوسائل البشرية ومشرفة على الموت ألماً، وجهت نظري الى امي السماوية. وسألتها من كل قلبي ان ترأف بي.
فتحرك تمثالها فجأة، وأشرقت العذراء مريم جمالا، وتلألأت بهاءً أعجز عن وصفهما، وكان محياها يتدفق دعة ولطفاً وحنانا لا يوصف.
على ان ما نفذ إلى أعماق نفسي، هي ابتسامتها الفتانة. ومنذ ذلك الحين اضمحلت آلامي.
فانحدرت من عيني دمعتان كبيرتان، سالتا هادئتين...اجل، ان هما الا دمعتا فرح سماوي خالص. ان العذراء المجيدة اقتربت منى وابتسمت لي...فقلت في نفسي: ما اسعدني . ولكني لا ابوح بذلك، لئلا تزول سعادتي.
ثم، بدون اقل عناء، خفضت عينيّ فعرفت عزيزتي ماري، وهي تنظر إليّ بحب، وعليها ملامح التأثر الشديد كأنها في ريب من نيلي منذ برهة هذه النعمة العظيمة".