قامت البنت الكبيرة ماري بإدارة المنزل، بينما اهتمت بولين بتريزة الصغيرة المحرومة عطف الأم وأصبحت لها بمثابة تلك الام تقود خطاها في طريق الفضيلة وتعلمها القراءة والكتابة.
اما والدها فكان كثيراً ما يأخذها معه الى النزهة، فيزوران في طريقهما الكنيسة، ثم يعودان معا الى البيت، فينصرف الوالد الى قراءاته التقوية.
بينما تتلهى تريزة باللعب في الحديقة. اما في المساء، فكانت العائلة تجتمع كلها في غرفة الاستقبال حول مصباح كبير وينصرف كل منهم الى هوايته وأشغاله. وتريزة لا تفارق حضن والدها الحنون.
ثم يختمون النهار بصلاة جماعية يرفعونها الى الله شاكرين له أفضاله ونعمه، وبعد ذلك يأوي كل منهم الى فراشه. وكانت تريزة تهوى الثلج وغروب الشمس بألوانها الجميلة، وجمال الزهور وتألق النجوم. وقد تبيّنت يوما في احدى مجموعات النجوم الحرف الأول من إسمها (t). وحينما رأت البحر لأول مرة سنة 1878، أثر فيها منظره وذكّرها بعظمة الله اللامتناهية وبقدرته الفائقة،
وقالت بعد ذلك: "... وعندما مالت شمس ذلك اليوم الى المغيب وراء المحيط الجبار، جلست مع بولين على صخرة منفردة فشبهتْ لي اختي تلك الخيوط الذهبية بنور النعمة الذي يضيء القلوب المحبة لله. فتخيلت قلبي كقارب صغير يمخر بشراعه الابيض على هدى ذلك الضوء السماوي، وقررت الا ابتعد عن انظار يسوع حتى اصل الى سر الخلاص".