إصلاح الكرمليّات:
في أيلول سنة 1560 كانت جماعة من الراهبات تتحدث مع تريزا في غرفتها في دير التجسد. وكان الحديث يدور حول الحياة الرهبانيّة وضرورة تأسيس دير جديد، تعيش فيه الراهباتُ الكرمليّات بموجب القانون الكرمليّ المتشدّد. فأخذت تريزا تفكّر بهذا الأمر مستعينة بالصلاة وطلب النور من العلاء. وبعد أيام نالت موافقة رئيسها الإقليمي الكرملي، ومن بعده موافقة روما. فاشترى لها ذووها بيتاً، عملت تريزا على ترميمه وإصلاحه، ليصبح مؤهّلاً لسَكَنِ الراهبات. ووضعت هذا الدير الجديد تحت حماية القديس يوسف، وقد كانت شديدة التعبد لهذا القديس. فأقيم فيه القداس الإلهي. وعُرض القربان المقدّس، بعدما انتقلت إلى هذا الدير الجديد أربعُ راهبات. كما توشّحت أربعٌ من المبتدئات بالثوبَ الرهباني. ووُضع حِصْنٌ للدير فَفُصلَ عن العالم. وأخذت الراهبات والمبتدئات، بإشراف تريزا، يعشن حياةَ الفقر والتأمّل والصمت والعمل.
وعكفت تريزا في هذا "البيت-الدير" الجديد، على القيام بالأعمال اليومية، من طبخ وكناسة وغسل. وبنت في البستان مناسك للإختلاء والصلاة. وكان همّها الأول تنشئة المبتدئات، تلك التنشئة الرهبانيّة الأصيلة... ولهذا الغرض كتبت كتابها "طريق الكمال". فزاع صيت ذلك الدير وازداد من جهة، عدد الراغبات في حياة ذلك الدير الجديد، كما ازدادت المقاومة من جهة أخرى لهكذا عمل وهكذا إصلاح.
ولكنّ تريزا كانت واضعة هدفها الإصلاحي نصب عينيها. فالخطوة الأولى صعبة من دون شك. ولكنّها عزمت على تخطّي جميع العقبات، متكلةً على نعمة الروح وقوّته. فطبّقت القانون المتشدد-واضعةً صرامةً شديدةً في الطعام واللباس، وفي ساعتيّ تأمّل عقلي في اليوم، وفي حياة انقطاع تام عن إغراءات العالم. والإقلال من الاجتماعات والزيارات والخروج من الدير.