الخاتمة
إنّنا نصبو، من خلال عملنا التربويّ، إلى تكوين شخصيّة متّزنة. فلو كوّنّا التقوى فقط، لوقعنا في فخّ التقويّات، وأنتجنا أناساً حالمين بعيدين عن الواقع. ولو كوّنّا العقل فقط، لوقعنا في فخّ "العقلانيّة"، وأنتجنا شخصيّات متعصّبة متشبّثة بآرائها، واثقة ثقة عمياء بصحّة مواقفها، ولا تأخذ بعين الاعتبار محدوديّة الآخرين أو ضعفهم. ولو كوّنّا الوجدان فقط، لوقعنا في فخّ الإشراق، وأنتجنا شخصيّات لا تهتمّ إلاّ بنفسها.
الصورة النموذجيّة للتربية في مراكزنا هي تكوين القوى النفسيّة الثلاث بالتوازي: العقل والوجدان والإرادة.
بتكوين العقل، تصبح الشخصيّة قادرة على الفهم والتفكير والتحليل والاستنتاج والمقارنة والحكم والتطبيق، بروح النقد (لا الانتقاد) الّتي لا تسلّم تسليماً أعمى بما تسمعه أو حتّى تراه، بل تجتهد في فهم الأمور والقضايا وفي تكوين رأي شخصيّ، وتكون أمينة فكريّاً في معالجتها. شخصيّة منفتحة على كلّ ما يأتي من الخارج، من أشخاص وأحداث وآراء وتطوّر. ولا يتحقّق هذا إلاّ بالتدرّب على الدقّة والإتقان والكفاءة والإبداع والابتكار والتعلّم أكثر منه التعليم.