قابليّة التقدّم والنموّ
إنّ روح "المزيد" تفترض أن نؤمن إيماناً راسخاً بأنّ كلّ شخص قابل للتقدّم والنموّ باستمرار، وقادر على تجاوز ذاته بلا حدود. ويعود ذلك إلى أنّه شخص خاضع للزمان الّذي هو تقدّم ونموّ دائمان. لذلك علينا احترام مراحل تطوّره والوقت اللازم لها. فنتمهّل مع هذا ونسرع مع ذاك، كلّ بحسب ما هو عليه وما هو قادر عليه، في محبّة بصيرة وصبر وطول أناة.
ولا يحرّكنا في سلوكنا التربويّ هذا أمل بشريّ بل رجاء روحيّ. ففي كثير من الأحيان، نصاب بخيبة أمل ونيأس أمام أشخاص صعبيّ المراس، عاجزين عن أيّ تغيّر. لكنّ الرجاء المسيحيّ يذكّرنا بأنّ كلّ شخص يحمل في طيّات نفسه قابليّة للتأثّر، واستعداداً للتغيير، ورغبة في التقدّم، واشتياقاً إلى النموّ، حتّى وإن دلّت المظاهر الخارجيّة على عكس ذلك. وأساس رجائنا هو أنّ الله يعمل في الشخص أكثر ممّا نعمل نحن. وكما يقول القدّيس بولُس: "أنا غرستُ وأبُلُّس سقى ولكنّ الله هو الّذي أنمى. فليس الغارس بشيء ولا الساقي، بل ذاك الّذي ينمّي وهو الله" (1كورنثس 3/6-7).
خلاصة القول، إنّنا نؤمن بأنّ كلّ شخص هو حرّ/ فريد/ قابل للتقدّم والنموّ. وهذا يجعلنا نثق بالمتربّي ثقة تحرّكها "المحبّة البصيرة". إنّها ثقة لا تتجاهل الصعاب والعراقيل الّتي تعيق حرّيّة المتربّي وفرادته وتقدّمه ونموّه، بل تؤمن بأنّه قادر على تجاوزها بروح المزيد. وعلى أساس تلك الثلاثيّة، نحدّد طبيعة تعاملنا مع المتربّي. فنسعى إلى اكتشاف الإمكانات الكامنة فيه ونساعده على اكتشافها من أجل "المزيد". وكذلك الحدود الّتي تعرقل مسيرته، فنسعى إلى تربيته تربية شاملة "بمحبّة بصيرة".