يتعلّق "المزيد" بما هو شموليّ ومجرّد. و"المحبّة البصيرة" بما هو خاصّ وواقعيّ. لذلك تتميّز تربيتنا في أنّها شاملة/واقعيّة كما أنّها مطلقة/نسبيّة. ويرتبط "المزيد" بالمثل العليا الّتي تدفع إلى الأمام وتحثّ على التقدّم. إنّه انطلاقة الحرّيّة نحو الآفاق الشاسعة. أمّا "المحبّة البصيرة" فترتبط بالواقع. إنّها الجهد والعناء. فلولا "المزيد" لانغمست التربية في رتابة الواقع. ولولا "المحبّة البصيرة"، لهربت التربية من الواقع.
"المزيد" هو الهدف. به يتجاوز الشخص محدوديّته. أمّا "المحبّة البصيرة" فهي الوسيلة، بها تميّز الوسائل والأساليب الملائمة للسعي إلى ذلك الهدف. إنّها تحقّقه بما يتلاءم وظروف الشخص والمكان والزمان. ويرتبط "المزيد" بالتربية في حدّ ذاتها، وبأهدافها العامّة للجميع. أمّا "المحبّة البصيرة" فترتبط بأساليب التربية المكيّفة لتناسب الشخص في بيئته وبحسب كيانه. لهذا السبب، نسعى في عمليّتنا التربويّة إلى إبراز "المزيد" تارة و"المحبّة البصيرة" طوراً، ونسعى إلى الجمع بينهما، مدركين صعوبة الوصول إلى التوازن الكامل بينهما. فقد يدفعنا طبعنا إلى "المزيد" أكثر منه إلى "المحبّة البصيرة" أو العكس. غير أنّ فعلنا التربويّ محاولة مستمرّة لجمعهما في توازن يسعى وإن لن يصل إلى الكمال.