إذا فُقِدَت هذه المركزية الإلهية في حياة الكاهن لم يبقَ أيُّ أساس للعمل الرعوي. ومع الإفراط في النشاط هناك خطر لفقدان المضمون الحقيقي والمعنى الصحيح للخدمة الرعوية. وقد تنشأ إذذاك تحريفات كثيرة، وتحِلُّ أمور ثانوية محلَّ الجوهر، ويغدو الكاهن كمن يركض ويلهث عبثًا من غير أن يتقدّم.
هؤلاء الذين تعلَّموا "أن يبقَوْا مع المسيح" هم وحدَهم المستعدُّون حقًّا لكي يكونوا رسل البشارة (راجع مرقس 3: 14). وسر قناعتهم بالبشارة التي يحملونها يكمُن في حبَّهم المتَّقدِ للمسيح. لما كان القديس أغسطينس يحثُّ الكهنة على أن يكونوا تلاميذ في مدرسة المعلِّم الإلهي ليتعلَّموا منه كيف يصلُّون، كان يقول لهم : "كونوا رجال صلاة قبل أن تكونوا رجال البشارة " (التعليم المسيحي 4،15،32: ص 34، 100).
عندما تحتفل الكنيسة بعيد قلب يسوع الأقدس فإنها تدعو كل المؤمنين إلى النظر بإيمان، "إلى من طعنوا" (يوحنا 19: 37)، إلى قلب يسوع، العلامة الحية والبليغة لحب الله الذي لا يُقهَر والذي هو ينبوع نِعَمٍ لا يَنضَب. والكنيسة تدعو الكهنة إلى البحث عن هذه العلامة في أعماق ذاتهم، إذ هم المستودَع والخدّام لنعمِ قلبِ يسوع القدوس، وهم الموكَّلون بأن يُفيضوا حبَّ المسيح الرحيم على الآخرين، على الجميع.