يشتمل قانون القديس ثيوفان الروحي الاعتزال في الأماكن الهادئة في القلب، الصحراء الداخلية. خبرة الصحراء مركزية في الروحانية الشرقية. تعود أصولها إلى رهبان القرن الثالث الأوائل الذين هرعوا إلى صحارى النوبة والإسقيط وسيناء ليهربوا من جري العالم وهيجانه فيتقرّبوا من المسيح. يُعتَبَر القديس أنطونيوس (251-356) مؤسس طريقة العيش الرهبانية لكنّه ليس أوّل مَن ذهب إلى الصحراء بحثاً عن الله. يذكر الإنجيلي متى أنّ القديس يوحنا المعمدان كان من أوائل سكّان الصحراء: "وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ قَائِلاً: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ. فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً». وَيُوحَنَّا هذَا كَانَ لِبَاسُهُ مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ، وَعَلَى حَقْوَيْهِ مِنْطَقَةٌ مِنْ جِلْدٍ. وَكَانَ طَعَامُهُ جَرَادًا وَعَسَلاً بَرِّيًّا" (متى 1:3-4). انتبهوا أيضاً أنّ ربّنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح بدأ حياته العلنية في الصحراء وغالباً ما رجع إليها طلباً للغذاء الروحي. يكتب الرسول متى: "ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. 2فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا" (متى 1:4-2). كما يكتب الرسول لوقا: "ذَاعَ الْخَبَرُ عَنْهُ أَكْثَرَ. فَاجْتَمَعَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ لِكَيْ يَسْمَعُوا وَيُشْفَوْا بِهِ مِنْ أَمْرَاضِهِمْ. وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَعْتَزِلُ فِي الْبَرَارِي وَيُصَلِّي" (لوقا 15:5-16).