ج- الله يرافقنا في هبة ذاته المستمرة إلى كنيسته
المسيح هو العطاء المتجسد، وهو ليس إلا عطاء فوجوده على الأرض وعلاقته بأعضاء الكنيسة يعبّر عنه بهذه الكلمة "هبة الذات". فيها نكتشف الحب ومنها تعيش في كل لحظة الكنيسة أي الشعب الذي أبرم معه الله "العهد الجديد والأبدي". هذه "الهبة" دائمة بحيث إن روح يسوع بالذات هي التي تظهرها وتغمر الكنيسة بها.
يعني التشبه بالمسيح واتّباعه ومحبته الدخول في منطق العطاء هذا. إنها مهمة مستحيلة بدون النعمة التي يقدمها لنا. إن حياة الكنيسة قوة وحيوية لأنها ترتبط بشكل دائم بربها، ويقول أشعيا عن ذلك: "زوجكِ وخالقكِ". وهكذا يحب المسبح الكنيسة إلى درجة أنه يقدم ذاته لها كعريس شاب، عريس أمين ومتنبه، عريس لطيف وحنون، عريس شجاع وقوي، عريس صبور وخدوم. الرباط الموجود بين المسيح وكنيسته لا يمكن حلّه: "سأكون معكم حتى نهاية العالم"، وكما يقول القديس بولس: "هذا السر عظيم، وأعني به سر المسيح والكنيسة" (أفسس 5: 32)، فمن يحب المسيح يحب عروسه الكنيسة والعكس صحيح.
بواسطة سر الزواج، يضع المسيح العروسين الجديدين في مركز علاقته الزوجية بكنيسته، ويكون الزوجان في مركز النعم المتبادلة ومركز الحب الذي يتقاسمه المسيح مع كنيسته. وأكثر من ذلك، كما في كل قصة عائلية، يدعى الزوجان إلى الشهادة لرباط الحب هذا، وهما يقدمان صورة عن هذه العلاقة في جسديهما بالذات. هذا "السر" العظيم صار ظاهراً وحاضراً في تاريخ البشرية وفي جميع أرجاء الأرض بفضل ملايين الأزواج المسيحيين الذين يحبّون بعضهم بعضاً "في الرب". وهم يقدمون بواسطة هذا الحب الأسراري علامة إلى الآخرين. إنهم يقولون، كل بلغته وعبر تاريخه، إن الله مستمر في محبة شعبه بشكل ملموس ودائم. ويكون الأزواج، وقد أشركتهم النعمة في رباط المسيح بالكنيسة، علامة مميزة لمحبة الله لجميع البشر وفي جميع الأوقات.