الرباط القوي يعطي القوة. ليست الهبة المبدئية بين الأزواج كالالتزام المهني أو الخدمة المبذولة. إن "كلّية" الشخص الذي يقدّم ذاته إلى الآخر تكسب الرباط المؤسس في البداية قوة ترتبط بسر الآخر. إن وهب الذات بهذه الطريقة ليس بالأمر العادي. بشكل رمزي فإن الهبة تتعلق بكامل الكائن البشري في حياته الأرضية، وبشكل حقيقي فإن للهبة قوة ثبات الحرية الشخصية. ويتعلق العهد بالسر الذي لا ينضب للشخص المتلقي والشخص الذي يهب ذاته. إن الرغبة في الحب لا تخضع للزمن الذي يمر فحسب بل كذلك للزمن الذي هو الآخر، إذ إن الارتباط الذي يدوم يمتلك تلك الصلابة الشخصية. إنه أنا، إنه أنت، إنه نحن. إذا كانت الشخصيات والصفات والأجساد تكتسي مظاهر مختلفة حسب فصول العمر فإن الشخص يظل هو هو. هذا هو سر الحب الذي لا ينضب والذي يجري نبعه بغزارة دائماً أبداً حتى يمكن أن يصير نهراً.
يكون العطاء الزوجي مشبعاً بتلك الرغبة في الحب التي تثق بالآخر من خلال كل شيء والتي تترقب ثمار هذا الحب عبر الزمن. الزمن حليف للقرينين إذا ما عاشا حبهما كعهد يحترم ما هما عليه. ونفهم جيداً كيف أن هذا العطاء النهائي لا يمكن أن يستند فقط على المشاعر أو الصفات الخارجية للرجل أو المرأة. تكون الحياة مأسوية أحياناً ولا يمكن للحب إلا أن يتحد بالحقيقة بمظاهرها المختلفة كالمرض وتبدلات الرغبة والخيانة. الحب أقوى من كل شيء إذا ما عبّرت رغبة القرنين بوضوح، بانتظام واستمرار، عن العهد الأولي. ويكون ذلك بأن يجددا زواجهما يومياً لأن كل يوم هو يوم جديد تدعى فيه الحرية إلى أن تقول "نعم" وتكرر هذا باستمرار. الزمن صديق الحب فبدونه كم من اللفتات والكلمات تبقى سجينة، ومعه كم من الاكتشافات غير المتوقعة وكم من الخصوبة!