3- هبة نهائية ودائمة
هل بالإمكان تقديم الذات والاستمرار في تقديم الذات بالطريقة نفسها وبالزخم نفسه مع مرور الزمن؟ بالنسبة للغالبية من معاصرينا، حلّ الشك بذلك أقلّه بسبب ازدياد مدة الحياة الزوجية بشكل ملموس نسبة إلى الأجيال السابقة. ثقافياً، نحن عطاش إلى حب يتجاوز الموت ويدوم إلى الأبد، وفي الوقت ذاته يفكر البعض في أمانة متتالية ذات وجوه عديدة: امرأة لرغباتي، امرأة أبني معها حياتي المهنية، أم أولادي، العشيقة التي أتوله بها في السن التي يظهر فيها "شيطان الظهيرة"، رفيقة أيام شيخوختي... إن عدم انحلالية الرباط الزوجي ليس صعب احترامه فحسب بل صعب فهمه والتعهد به كذلك. يُنظر إلى الزمن كعدو للحب فهو يستهلك ما هو جيد، لذلك يرغب بعضهم بالتأقلم مع هذه المعطيات الجديدة وابتكار نماذج زواجية أكثر مرونة.
بريسيلا وجان لويس
ومع ذلك فحين نسأل شباب اليوم عن السعادة والقيم التي يرونها هامة، تجيب الغالبية العظمى: "العائلة" وتجيب ابنتنا: "عائلة يسودها السلام والطمأنينة والفرح والمشاركة".. "كان أهلنا يكرّسون وقتاً لنا فكانوا يتأملوننا ويضعون إلينا ويساعدوننا... كان باستطاعتهم عمل كل ذلك لأن كيانهم الزوجي كان في سلام ووفاق".
"جاء دورنا الآن لنحاول اتباع هذا المثال الحسن حتى نجعل نحن أيضاً، زوجي وأنا، أولادنا سعداء".
الخاطبون والأزواج الجدد يضعون إذن في رأس سلّم القيم "النجاح في حياتي مع قريني حتى نجعل معاً بدورنا أولاداً سعداء". لذلك يراقب الأولاد حياة الأهل بحثاً عن مثال يحتذى به أو عن وصفة "كيف نتصرف".
"ما يعجبني في أهلي أنهم بعد ثلاثين سنة زواج ظلوا عاشقين مثل عريسين "متزوجين حديثاً". أنا أعرف ذلك لأني أراه. الكثير من الأزواج لم يعودوا يقبّلون أحدهم الآخر أو لا يتبادلون أية لفتة حنان بعد عدد مماثل من سني الزواج، أما أهلي فلا يزالون..."
وهكذا نلمس أهمية القيم الجوهرية للأمانة وعدم انحلال الزواج المسيحي، وعدم الاستقرار الذي يسببه بكل أسف انفصال أهالي الشباب بحثاً عن قيم صلبة تكون مرجعاً لهم.